يحتفل سكان مدينة صفرو المغربية كل عام بمهرجان الكرز المعروف محلياً باسم “حب الملوك”، حيث يستمر الاحتفال ثلاثة أيام في شهر يونيو ويجسد جمال الطبيعة والثقافة المحلية، ويعد الكرز رمزاً لهذا المهرجان الذي يحظى بشعبية واسعة داخل المغرب وخارجه، ويشكل مناسبة للتعبير عن الفخر بالهوية الجماعية والارتباط بالأرض، إضافة إلى كونه حدثاً سياحياً بارزاً يجذب الزوار من مختلف المناطق.
ينطلق المهرجان بعروض احتفالية مميزة تضم موكباً كبيراً من العربات المزينة، وتشارك فيه فرق موسيقية وفنية تقدم أنماطاً غنائية ومعزوفات تجمع بين التراث التقليدي والألحان العصرية، ما يمنح المهرجان تنوعاً فنياً يرضي مختلف الأذواق، كما يتيح للمدينة عرض موروثها الثقافي عبر الفنون الشعبية والأنشطة الإبداعية التي تمثل جزءاً من هويتها التاريخية.
يرافق الاحتفالات جانب رمزي يتمثل في انتخاب ملكة جمال “حب الملوك”، حيث تختار لجنة متخصصة سنوياً شابة لتمثل الجمال والروح الاحتفالية للمدينة، وتعد هذه المسابقة تقليداً متوارثاً منذ عقود طويلة يضفي طابعاً خاصاً على المهرجان ويزيد من جاذبيته، كما يمنح الشابات المشاركات فرصة لإبراز حضورهن في المجتمع المحلي.
يشكل المهرجان فرصة مهمة للمدينة وسكانها لعرض إنجازاتهم في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فهو ليس مجرد احتفال بالكرز بل حدث جماعي يعزز من تماسك المجتمع، ويكرس روح الفخر والانتماء، كما يمثل مصدراً للاعتزاز بالهوية المحلية التي تجد في هذا الحدث واجهة للتعريف بخصوصياتها أمام الزوار، وهو ما يساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية للمنطقة.
تؤكد مشاركة السكان بمختلف فئاتهم في فعاليات المهرجان أنه يمثل أكثر من مجرد مناسبة احتفالية، بل هو عنصر أساسي في بناء الذاكرة المشتركة لسكان صفرو، كما يعزز من احترام الذات الجماعية ويقوي الروابط الاجتماعية، حيث ينخرط الجميع في الإعداد والتنظيم والاحتفال بما يجعل المهرجان مشروعاً مجتمعياً مشتركاً تتوارثه الأجيال.
أدرجت منظمة اليونسكو مهرجان الكرز في صفرو عام 2012 ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي، وهو ما اعتبر اعترافاً عالمياً بأهمية هذا الحدث في الحفاظ على التقاليد الثقافية المحلية وإبراز قيمتها على الساحة الدولية، كما ساهم الإدراج في منح المهرجان إشعاعاً أوسع ومكانة مرموقة بين الموروثات العالمية، ما زاد من أهميته كفضاء للتبادل الثقافي وتعزيز الحوار بين الشعوب.
يعكس هذا الاعتراف الدولي الدور الكبير الذي يلعبه المهرجان في صون الموروث الثقافي المغربي، ويؤكد أن الفنون الشعبية والاحتفالات المحلية ليست مجرد طقوس زمنية، بل عناصر حية في تشكيل الهوية الوطنية، ويبرز أهمية الاستمرار في دعم مثل هذه المبادرات للحفاظ على تنوع التراث غير المادي وتعريف الأجيال المقبلة بجذوره ومعانيه.
المصدر: اليونسكو