انطلق مهرجان حب الملوك بمدينة صفرو منذ عام 1919 احتفاءً بفاكهة الكرز التي اشتهرت بها المنطقة بفضل موقعها الجغرافي ومناخها المناسب لإنتاج هذه الثمرة التي أصبحت رمزاً للمدينة ومصدر اعتزاز لسكانها.
ونظمت أولى فعاليات هذا المهرجان في حانة تحولت لاحقاً إلى مقر بنكي قبل أن يُنقل الاحتفال إلى حديقة المسبح البلدي بفعل الإقبال الجماهيري الكبير، وجرى لاحقاً تأسيس لجنة خاصة تشرف عليه بشكل منتظم إلى اليوم ، ليصبح بذلك أقدم مهرجان شعبي في المغرب ويُلقب بشيخ المهرجانات بعد بلوغه عامه المئة في دورة 2024.
تميز المهرجان منذ انطلاقته بتنظيم استعراضات شعبية وكرنفالات احتفالية تُمجد فاكهة الكرز وتبرز مكوناته الجمالية والزراعية والاجتماعية وكان أول احتفال يعتمد على دمية مصنوعة من القصب ترتدي ملابس نسائية قبل أن يُعتمد لاحقاً على فتاة حقيقية يتم تتويجها بلقب ملكة حب الملوك، وتم اختيار أول ملكة في سنة 1934 وكانت فرنسية تدعى سوزان برنار ، ثم دخلت الفتيات المغربيات مرحلة التنافس تدريجياً بعد الاستقلال حيث أصبحت المسابقة تقليداً سنوياً تبرز فيه فتيات من مختلف الفئات والأعراق في مشهد يعكس التنوع الثقافي والتعايش الديني الذي اشتهرت به صفرو منذ عقود.
عُرف المهرجان باحتضانه لكل مكونات المجتمع من يهود ومسيحيين ومسلمين ممن عاشوا في أحياء متجاورة داخل أسوار المدينة القديمة مثل زمغيلة والمربع والشباك، وتجلت هذه الروح التعايشية في المهرجان الذي أدرجته منظمة اليونسكو ضمن لائحة التراث الثقافي غير المادي سنة 2012 اعترافاً بقيم التسامح والتنوع التي يمثلها.
كما أصبح الحدث مناسبة للاحتفال بالثقافة المحلية من خلال الأهازيج العربية والأمازيغية وعروض الصناعة التقليدية وتكريم المنتجين المحليين لأفضل أنواع الكرز في المنطقة التي تنتج أكثر من 7.4 آلاف طن سنوياً.
تُقام فعاليات المهرجان خلال شهر يونيو تزامناً مع نهاية موسم جني الكرز الذي يمتد من نهاية مايو إلى بداية يوليو ، ويُنتخب خلاله ملكة جمال حب الملوك ووصيفتيها في حفل شعبي تُرافقه عروض فنية واستعراضات تجوب شوارع المدينة وسط جمهور متنوع من السياح الأجانب والزوار المغاربة القادمين من مدن مختلفة.
ويؤكد منظمو الحدث أن مدينة صفرو هي الوحيدة التي تجمع بين تتويج ملكة جمال وتنظيم مهرجان فلاحي دون أي حساسيات سياسية أو خلفيات اجتماعية وهو ما يعكس خصوصية الاحتفال وعفويته الشعبية.
شهد المهرجان في العقود الأخيرة تطوراً تنظيمياً واضحاً نتيجة تظافر جهود السلطات المحلية والفاعلين الاقتصاديين والمجتمع المدني وشركاء من القطاعين العام والخاص ما جعله يحافظ على طابعه الشعبي ويعزز أبعاده السياحية والاقتصادية والثقافية ، ويستمر هذا الملتقى في جذب الاهتمام الوطني والدولي بفضل تنوع فقراته وقدرته على التجدد مع الحفاظ على جوهره التراثي حيث يجمع بين الفرجة واستعراض الجمال وتثمين المنتوجات المحلية في توازن فريد بين الأصالة والانفتاح.
المصدر: ويكيبيديا