تعد جزيرة صاي الواقعة في منطقة النوبة العليا على نهر النيل واحدة من أبرز المواقع الأثرية في السودان، حيث تتميز بتاريخ يمتد لآلاف السنين، وتضم مواقع تعود إلى عصور متعددة تشمل العصر الفرعوني والمروي والنوبي المسيحي والإسلامي، ويعكس هذا التنوع التاريخي أهمية الجزيرة كموقع يوثق تعاقب الحضارات على ضفاف النيل، ويجعلها ذات قيمة ثقافية وعلمية كبيرة.
تتمتع الجزيرة بموقع استراتيجي بين الشلالين الثاني والثالث، ما جعلها نقطة استقرار بشري منذ العصور القديمة، وقد كانت مأهولة خلال فترة المملكة المصرية الحديثة، كما تضم بقايا قلعة صاي التي شيدت خلال العهد العثماني، إلى جانب مقابر ومعابد ومستوطنات بشرية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وهو ما منحها مكانة بارزة في الدراسات الأثرية الإقليمية.
كشفت أعمال التنقيب التي أجريت في الجزيرة عن مقبرة أثرية محفوظة بشكل جيد تضم هياكل عظمية ولقى أثرية، وهو ما يشير إلى وجود طبقات تاريخية لم تُكتشف بعد، ويعزز من فرضية أن الجزيرة تخفي العديد من الكنوز الأثرية التي يمكن أن تساهم في إعادة كتابة جزء من تاريخ المنطقة، كما توفر الاكتشافات دليلاً على التفاعل الحضاري بين الثقافات المختلفة التي استوطنت الجزيرة على مر القرون.
ورغم أهميتها العلمية والتاريخية، تواجه الجزيرة تهديدات متزايدة جراء أعمال التعدين العشوائي التي اقتربت من مواقع أثرية حساسة، الأمر الذي ينذر بخطر تدمير أجزاء من هذا التراث غير القابل للتعويض، وقد حذّر خبراء الآثار من أن استمرار هذه الأنشطة دون رقابة سيؤدي إلى فقدان معلومات تاريخية لا يمكن استرجاعها.
في مواجهة هذه المخاطر، تصاعدت الدعوات من قبل نشطاء ومهتمين بالتراث للمطالبة بحماية الجزيرة وإدراجها ضمن مواقع التراث العالمي في قائمة اليونسكو بشكل دائم، معتبرين أن الجزيرة تمثل ثروة وطنية وإرثاً إنسانياً يجب الحفاظ عليه للأجيال القادمة، كما شددوا على أهمية وضع خطط لإدارة الموقع وضمان استدامة أعمال البحث الأثري فيه.
وكانت جزيرة صاي قد أدرجت بالفعل في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت الاسم الرسمي “جزيرة صاي”، وهو ما يعكس الاعتراف الدولي بأهميتها، إلا أن حمايتها الفعلية تتطلب جهوداً ميدانية عاجلة وإجراءات قانونية صارمة لوقف التعديات، وضمان استمرار الأبحاث التي يمكن أن تكشف عن مزيد من التفاصيل حول تاريخ هذه الجزيرة الفريدة.
المصدر: ويكيبيديا
