تقع جزيرة أرواد على الساحل السوري، وتُعد الجزيرة الوحيدة المأهولة في سوريا، حيث يعود تاريخ استيطانها إلى الألفية الثانية قبل الميلاد في العهد الفينيقي. كانت تعرف باسم مملكة أرادوس، وبرزت كمعقل هام في التاريخ البحري والسياسي للمنطقة.
خلال القرن الثالث عشر الميلادي، أصبحت أرواد مركزًا لفرسان المعبد في حملاتهم الصليبية، وتميزت بقوتها الاستراتيجية على الساحل، قبل أن يستعيدها المماليك عام 1302 م، منهين بذلك الوجود الفرنجي في شرق المتوسط.
تحيط الجزيرة بسور فينيقي حجري ضخم بُني لحمايتها من الغزوات البحرية، وهو أحد أبرز معالمها الأثرية، كما تضم القلعة الأيوبية الواقعة على الشاطئ الشرقي، والمعروفة باسم البرج أو الحصن الأيوبي، والتي تحمل نقوشًا وشعارات تعود لفترة الاحتلال الفرنجي، وتعكس الصراعات التاريخية التي شهدتها الجزيرة.
تتميز الجزيرة ببيوتها المتلاصقة وأزقتها الضيقة التي تعكس نمط الحياة التقليدي لسكان أرواد، الذين لا يزالون يحافظون على لهجتهم المحلية المميزة، حيث يستبدلون حرف “الجيم” بحرف “الزاي”، مما يعكس خصوصية ثقافية فريدة في الجزيرة.
يضم متحف أرواد مقتنيات تراثية متنوعة منها أدوات الصيد التقليدية، والصدفيات البحرية، والحرف النحاسية، التي تجسد الحياة البحرية والاجتماعية التي سادت عبر العصور، كما تعكس حرص السكان على الحفاظ على تراثهم الثقافي وتقاليدهم.
يحافظ سكان الجزيرة على عاداتهم وتقاليدهم الصارمة، من بينها عدم بيع أو تأجير منازلهم للأجانب، مما يضمن بقاء الطابع المحلي والثقافي للجزيرة، ويُظهر تمسكهم بهويتهم الاجتماعية والتاريخية عبر الأجيال.
تشكل جزيرة أرواد جزءًا مهمًا من تاريخ سوريا وحضارتها البحرية، حيث تبرز كنموذج حي للتراث المتنوع، إذ تجمع بين آثار الفينيقيين والأيوبيين والصليبيين، وتعكس تنوع مراحل التاريخ التي مرت بها.
تم إدراج الجزيرة ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو، لما تمثله من قيمة أثرية وتراثية، وهي بذلك تجذب الباحثين والمهتمين بالتاريخ، إلى جانب السياح الراغبين في اكتشاف حياة جزيرة تتميز بتراث حي وهوية متجددة.
جزيرة أرواد تجمع بين الطبيعة الخلابة والآثار العتيقة، مما يجعلها مكانًا فريدًا يعكس التاريخ البحري والثقافي لسوريا، ويُبرز أهمية الحفاظ على المواقع التراثية الحية التي تروي قصة الحضارات القديمة.
المصدر: اليونسكو