سجّلت منظمة اليونسكو جزيرة جربة التونسية ضمن قائمة التراث العالمي في 18 سبتمبر 2023 ، بعد أن أثبتت الجزيرة احتفاظها بمزيج متفرّد من القيم الثقافية والمعمارية والاجتماعية التي تجسّد تفاعل الإنسان مع بيئته عبر قرون طويلة من الاستقرار والتعايش.
تميّزت جربة بنمط معماري خاص يعكس طبيعة المجتمع المحلي وتقاليده ، حيث تنتشر المساجد ذات القبب البيضاء وبروج المراقبة المعروفة محليًا باسم الأربطة ، إلى جانب وجود تخطيط عمراني يعكس قدرة السكان على التكيّف مع البيئة الصحراوية والبحرية معًا.
برزت أهمية القرار في دعم جهود تونس لحماية تراثها من الضياع ، حيث يمنح إدراج الجزيرة بعدًا قانونيًا ودوليًا يعزز إمكانات الحماية والصون ، كما يشكّل اعترافًا بقيمة جربة الاستثنائية كشاهد حي على تعايش الثقافات والأديان عبر العصور.
تميّز المجتمع الجربي عبر تاريخه بالتنوّع العرقي والديني ، حيث يعيش المسلمون واليهود وغيرهم في نسيج اجتماعي مستقر ، وتُعد جزيرة جربة موطنًا لكنيس الغريبة الذي يعتبر من أقدم الكُنس اليهودية في إفريقيا وما زال وجهة للحجّ اليهودي إلى اليوم.
عكست طرق استغلال الأراضي والمياه في الجزيرة درجة عالية من الوعي البيئي والتخطيط الذكي ، حيث اعتمد السكان على زراعة أشجار الزيتون وتنظيم موارد المياه داخل خزانات تقليدية محفورة في الأرض ، كما استُخدمت الأبنية المسطّحة لتوفير العزل الحراري والاقتصاد في الطاقة.
ساهم القرار في دعم السياحة الثقافية في تونس ، حيث ازداد الإقبال على جربة باعتبارها وجهة عالمية تحتفي بالعمق التاريخي والتعدّد الثقافي ، كما وفّر فرصة لإبراز النماذج الناجحة للتنمية المحلية القائمة على احترام التراث وحماية الهوية.
تعمل السلطات التونسية على تطوير آليات العمل داخل الجزيرة عبر تعزيز الأطر القانونية لحماية المواقع الأثرية ، وتكثيف التعاون مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية في جهود التوعية المجتمعية وحملات صيانة التراث.
تسعى الدولة إلى توظيف هذا الحدث في خدمة أهداف التنمية المستدامة ، عبر دمج التراث في التخطيط السياحي والاقتصادي ، ما يعزز من قدرة جربة على تحقيق التوازن بين الحفاظ على الخصوصية الثقافية وتلبية حاجات السكان والزوار.
المصدر: اليونسكو
