الأثنين 1447/03/23هـ (15-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » مرئي » المعالم التاريخية » جبيل تواصل سرد تاريخها من العصر الحجري حتى الحاضر

جبيل تواصل سرد تاريخها من العصر الحجري حتى الحاضر

تُصنف مدينة جبيل ضمن أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم، وقد أدرجتها منظمة اليونسكو عام 1984 على قائمة مواقع التراث العالمي نظراً لقيمتها التاريخية وعمقها الحضاري الممتد لأكثر من عشرة آلاف عام.

وتقع جبيل في محافظة جبل لبنان على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وتُعد واحدة من أقدم المراكز العمرانية التي استمر فيها الاستيطان البشري من العصر الحجري الحديث حتى العصر الحديث.

ويرجّح علماء الآثار أن الاستيطان الأول في جبيل يعود إلى حوالي عام 8800 قبل الميلاد، ما يجعلها شاهداً نادراً على مراحل تطور الحياة البشرية منذ البدايات.

وتروي المصادر القديمة أن كرونوس، أحد الآلهة في الأساطير الإغريقية، هو من بنى المدينة، فيما تشير مصادر تاريخية أخرى إلى أن جبيل كانت أول مدينة فينيقية تُبنى على الإطلاق، وقد عرفت في النصوص القديمة باسم “Byblos”، وهو الاسم الذي اشتُقت منه كلمة “الكتاب” في اللغات الأوروبية، بسبب الدور التجاري والثقافي الذي لعبته المدينة في تصدير ورق البردي إلى اليونان ومناطق البحر المتوسط.

ويُميز جبيل عن غيرها من المدن التاريخية أنها لم تتحول إلى موقع أثري مهجور، بل ما زالت مأهولة بالسكان حتى اليوم، مما يمنحها صفة استثنائية كموقع حيّ يُمثّل تراكماً حضارياً متعدد الطبقات.

وتُظهر الحفريات المتتالية في الموقع مدى تعاقب الحضارات على جبيل، من الفينيقيين والفرس إلى اليونان والرومان والبيزنطيين، وصولاً إلى العصور الإسلامية والصليبية، حيث تركت كل حضارة بصمتها العمرانية والدينية والثقافية في أرجاء المدينة.

ويجد الزائر في جبيل بقايا معمارية غنية تتوزع بين القلاع الحجرية والكنائس الرومانية والأبراج الفارسية، إضافة إلى الميناء الفينيقي القديم الذي شكّل محوراً تجارياً مهماً في شرق المتوسط.

كما تُعد قلعة جبيل، التي تعود للعصور الصليبية، من أبرز المعالم الباقية، وقد بُنيت فوق أنقاض معابد قديمة، مما يعكس الطبقات التاريخية المتعاقبة، وتحتفظ المدينة أيضاً بكنائس بيزنطية تعود إلى القرون الميلادية الأولى، وأبنية عثمانية تشهد على الفترة الإسلامية.

ويُدير الموقع اليوم فريق من علماء الآثار بالتعاون مع جهات محلية ودولية، بهدف صون تراث جبيل وضمان استدامته، عبر ترميم الأبنية القديمة وتنظيم أنشطة ثقافية تروّج لتاريخ المدينة.

وتُعد جبيل من أبرز الوجهات السياحية والثقافية في لبنان، حيث تستقطب سنوياً آلاف الزوار من الباحثين والمهتمين بالتراث والحضارات القديمة، وتُسهم في إبراز صورة لبنان كجسر بين الحضارات.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار