تبرز منطقة جبل حراز في اليمن كواحدة من المناطق الجبلية ذات الأهمية التاريخية والثقافية الكبيرة، تقع بين مدينتي صنعاء والحديدة، وتشتهر بكونها معقلًا لسلالة بنو صليح في القرن الحادي عشر الميلادي، وما تزال تحتفظ بعدد من المعالم الأثرية التي تعود لتلك الحقبة، ما يجعلها موقعًا ذا قيمة تاريخية عالية.
وتشمل هذه المنطقة قرى محصنة ومدرجات زراعية تعكس طرق الحياة القديمة في الجبال، وتعبر عن مهارات استثنائية في البناء والزراعة، الأمر الذي ساهم في تشكيل هوية ثقافية مميزة تسلط الضوء على التراث اليمني.
أدرجت منظمة اليونسكو جبل حراز ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة عام 2002، كجزء من المواقع المختلطة التي تجمع بين الأهمية الثقافية والطبيعية، وهذا الإدراج يعني اعترافًا بقيمتها العالمية الاستثنائية ورغبة في تقييم أعمق لاحتمالية إدراجها في قائمة التراث العالمي الرسمية.
وتُعد القائمة الإرشادية مرحلة تمهيدية تخضع فيها المواقع للدراسة والتقييم من حيث مدى استيفائها لمعايير اليونسكو الصارمة، وهذا يفتح آفاقًا جديدة للحفاظ على جبل حراز وتعزيز مكانته على الصعيد الدولي.
تمتاز المنطقة بجمال طبيعي فريد، حيث التضاريس الجبلية الوعرة والقرى التقليدية التي لا تزال تحافظ على أساليب البناء القديمة، وهذا المزيج بين الطبيعة والتاريخ يجعل جبل حراز موقعًا فريدًا للزوار والباحثين على حد سواء، مع إمكانات كبيرة لتطوير السياحة الثقافية والطبيعية.
ورغم ذلك، تواجه المنطقة تحديات تتعلق بالحفاظ على المواقع الأثرية والبيئية بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها اليمن، ما يتطلب جهودًا مستمرة من الجهات المحلية والدولية للحفاظ على هذا الإرث الثمين.
يرتبط جبل حراز بمجموعة من المواقع اليمنية الأخرى المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، مثل المدينة القديمة في صنعاء، ومدينة شبام القديمة، وزبيد التاريخية، التي تشكل مجتمعة لوحة متكاملة للتراث الحضاري اليمني.
هذه المواقع تعكس تاريخًا غنيا يمتد عبر قرون من الحضارات المتعاقبة، وتؤكد أهمية اليمن كمهد للثقافة والتاريخ في المنطقة، العمل على حماية هذه المواقع يشكل أولوية لتثمين التراث الثقافي الوطني ودعم التنمية المستدامة.
تسعى اليمن، بدعم من منظمات دولية ومحلية، إلى تعزيز الوعي بقيمة جبل حراز وتراثها الثقافي بشكل عام، حيث تنظم مشاريع بحثية وأعمال توثيق وتحسين البنية التحتية في المنطقة، هذه المبادرات تهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية من الاستفادة من مواردها الثقافية، وتعزيز دورها في الحفاظ على الهوية التاريخية للمنطقة.
