يمثل جبل برع في محافظة الحديدة واحدًا من أبرز المواقع الطبيعية والثقافية في اليمن، ويقع ضمن نطاق محمية جبل برع الطبيعية التي أُدرجت على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو، حيث يتميز الجبل بغطاء نباتي متنوع ومناخ شبه استوائي يجعله استثناء بيئيًا في شبه الجزيرة العربية، كما يجمع بين التنوع البيئي الغني والممارسات الزراعية التقليدية التي تعكس ملامح ثقافية أصيلة.
يحتوي الجبل على بيئة طبيعية فريدة تتميز بوفرة الأمطار وخصوبة التربة، مما أدى إلى نشوء غابات استوائية كثيفة تضم أنواعًا نادرة من الأشجار والنباتات المحلية، كما يشكل موطنًا مهمًا للعديد من الطيور النادرة وخاصة المهددة بالانقراض، إضافة إلى أنواع من الزواحف والحيوانات الصغيرة التي تسهم في تعزيز قيمة الجبل كمحمية بيئية ذات تنوع استثنائي، وتزيد من أهميته على المستوى الإقليمي والدولي.
تغطي الوديان شديدة الانحدار أجزاء واسعة من الجبل، وتكسوها النباتات الكثيفة التي تمنح المكان مشهدًا طبيعيًا خلابًا، كما تشتهر المنطقة بوجود الشلالات والعيون المائية التي تمثل مصدرًا مهمًا للحياة البرية وللسكان المحليين، وتضفي على الموقع قيمة طبيعية إضافية تجعل منه مقصداً سياحياً بيئياً محتملاً، وهو ما دفع إلى إدراجه كموقع مختلط يجمع بين الأبعاد الطبيعية والثقافية.

أما الجانب الثقافي في جبل برع فيتجلى من خلال القرى التقليدية المنتشرة على سفوحه الشرقية، حيث يعيش السكان في نمط حياة زراعي يعتمد على المصاطب المدرجة التي تُزرع بالموز والقمح والحبوب والخضروات، وتدل هذه الممارسات على استدامة زراعية تعود لقرون طويلة، كما يعتمد بعض الأهالي على تربية النحل وإنتاج العسل البلدي الذي يشتهر بجودته العالية، ما يبرز التنوع الاقتصادي الذي يرافق الحياة الريفية في المنطقة.
حصل جبل برع على اعتراف دولي عندما أُدرج في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو عام 2002 كموقع يجمع بين التراث الطبيعي والثقافي، ويعكس هذا الإدراج القيمة الفريدة التي يحملها الجبل باعتباره نموذجًا يجمع بين التنوع البيولوجي والممارسات الإنسانية التقليدية، إلا أن الموقع يواجه في الوقت نفسه تحديات كبيرة تهدد استدامته على المدى البعيد.
تعاني المحمية من مشكلات متزايدة مثل الاحتطاب الجائر الذي يؤدي إلى تراجع الغطاء النباتي، إضافة إلى التعديات البشرية التي طالت بعض الشلالات والعيون الطبيعية، كما أثرت عمليات شق الطرق على جريان المياه وأدت إلى تدمير أجزاء من النظام البيئي، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للتنوع البيولوجي الذي يتميز به الجبل.
تسعى بعض المبادرات المحلية والدولية إلى مواجهة هذه التحديات من خلال إطلاق مشاريع لحماية التنوع البيئي وتعزيز الشراكات مع المزارعين وأصحاب الأراضي، وذلك عبر توفير خدمات أساسية للسكان وتشجيع السياحة البيئية كبديل اقتصادي يسهم في الحفاظ على المحمية، ويعكس هذا التوجه أهمية إيجاد حلول عملية توازن بين حماية الموارد الطبيعية ودعم المجتمعات المحلية.
بهذه الخصائص يجمع جبل برع بين الطابع الطبيعي الفريد والتراث الثقافي العريق، إلا أن الحفاظ عليه يظل مرهونًا بتكاتف الجهود لحمايته من المخاطر التي تهدد مستقبله، وضمان استمراره كرمز يجسد تلاقي الطبيعة والإنسان في واحد من أهم مواقع اليمن البيئية والثقافية.
المصدر: ويكيبيديا