سجّل جبل الفاية في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة موقعًا محوريًا في مسار الاكتشافات الأثرية بعد أن تم إدراجه رسميًا عام 2025 ضمن القائمة الإرشادية لليونسكو لمواقع التراث العالمي ، وجاء هذا الاعتراف العالمي ليكرّس أهمية الجبل باعتباره من أقدم مواقع الاستيطان البشري المعروفة خارج قارة أفريقيا ، وليفتح المجال أمام مزيد من الأبحاث حول بدايات الإنسان الحديث في المنطقة.
يقع جبل الفاية في المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة بين الخليج العربي وجبال الحجر ، ويتميز بتضاريسه الصخرية التي تضم كهوفًا طبيعية وملاجئ استخدمها الإنسان القديم في فترات متعددة ، وتدل الأدوات المكتشفة في الموقع على أن أول وجود بشري فيه يعود إلى نحو 125 ألف عام ، ما يضعه في مقدمة المواقع العالمية التي توثق الانتقال المبكر للإنسان من أفريقيا إلى شبه الجزيرة العربية.
احتضن الجبل آثارًا تعود إلى فترات متعاقبة تشمل العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث والعصر البرونزي والعصر الحديدي ، ما يشير إلى استمرارية الاستيطان عبر آلاف السنين ، ويُظهر ذلك قدرة الموقع على تلبية احتياجات المجتمعات البشرية المبكرة من مأوى وماء وموارد طبيعية.
كشفت البعثات الأثرية عن أدوات حجرية مصنوعة بتقنيات متقدمة تشير إلى وعي تقني وتخطيط مسبق في صناعة الأدوات ، كما عُثر على شواهد لطقوس دفن مما يعكس وجود بنى اجتماعية وأفكار روحانية لدى سكان تلك الفترات ، وتُعرض هذه المكتشفات حاليًا في متحف مليحة الأثري حيث يمكن للزوار الاطلاع على تفاصيل الحياة الأولى في شبه الجزيرة العربية.
يمثل إدراج جبل الفاية على قائمة اليونسكو نقطة تحوّل في وعي المجتمع المحلي بأهمية التراث الأثري ، ويساهم في تعزيز السياحة العلمية والتعليمية والثقافية في الإمارة ، كما يعمل على دعم برامج الحماية المستدامة للموقع من خلال تنظيم الزيارات وإدارة النشاطات البحثية والتوعوية.
يعكس جبل الفاية حضورًا متجددًا في الخارطة العالمية للتراث الإنساني ، ويؤكد أن شبه الجزيرة العربية لم تكن مجرد ممر عابر للهجرات البشرية القديمة ، بل شكلت موطنًا للاستقرار والتطور عبر العصور ، ما يمنح الإمارات دورًا أساسيًا في إعادة بناء السردية العالمية لنشوء المجتمعات الأولى.
المصدر: اليونسكو