الجمعة 1447/03/13هـ (05-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الجزائر » مرئي » المعالم التاريخية » جامع علي بتشين شاهد على التاريخ العثماني في قلب قصبة الجزائر

جامع علي بتشين شاهد على التاريخ العثماني في قلب قصبة الجزائر

يُعد جامع علي بتشين أحد أبرز المعالم التاريخية في قصبة الجزائر، وقد بُني سنة 1622 بأمر من القائد البحري علي بتشين الذي كان مسيحيًا من البندقية قبل اعتناقه الإسلام عام 1649، واتخذ بعد إسلامه اسم بتشين، ليصبح من الشخصيات البارزة في الأسطول البحري الجزائري، وقد أُدرج الجامع ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1992 ليبقى شاهدًا على عراقة العمارة الإسلامية في الجزائر.

undefined

يُعرف المسجد بين سكان العاصمة باسم “زوج عيون” نسبة إلى تصميمه الفريد الذي يجمع بين الطابع العثماني والمغاربي الأموي، وتُظهر مئذنته المربعة تأثيرات العمارة الأندلسية، وهو ما يمنحه خصوصية معمارية مميزة تجذب الباحثين والمهتمين بتاريخ الفنون الإسلامية، حيث يمتزج في تفاصيله فن الزخرفة مع البساطة العمرانية العثمانية.

خلال فترة الاحتلال الفرنسي، تعرض المسجد لتحولات جذرية في وظيفته، إذ حُوّل إلى ثكنة عسكرية ما بين عامي 1830 و1843، ثم استُخدم كمخزن عسكري، قبل أن يتحول إلى كنيسة حملت اسم “نوتر دام دي فيكتوار”، وهو ما أدى إلى تغييرات واضحة في بنيته الداخلية مثل المحراب وأماكن الوضوء، في حين ظل يحتفظ بروحه الإسلامية رغم تلك التعديلات.

بعد استقلال الجزائر سنة 1962، استعاد الجامع وظيفته الدينية، وأُعيد فتحه أمام المصلين، كما خضع إلى ترميمات متعددة شملت بناء مدخل جديد وإصلاح بعض الأجزاء المتأثرة بالتغييرات التي حدثت خلال الفترة الاستعمارية، وقد ساهمت هذه الجهود في إعادة المسجد إلى مكانته كأحد أقدم المساجد العثمانية في البلاد.

تم تصنيف جامع علي بتشين كمعلم تاريخي منذ عام 1947، وأكدت الدولة الجزائرية هذا التصنيف سنة 1967، كما أدرج لاحقًا ضمن التراث العالمي لليونسكو سنة 1986، ويقع الجامع في موقع استراتيجي بين شارعي محمد صويلح وباب الوادي المطلين على ساحة الشهداء، وهو ما يجعله من أبرز نقاط الجذب في قلب العاصمة.

ترميم منارة مسجد علي بتشين

يُبرز الجامع تنوع المشهد الثقافي في قصبة الجزائر، إذ يجسد التفاعل بين الحضارة العثمانية والمغاربية الأموية، وهو ما يضفي على زيارته بعدًا ثقافيًا ومعرفيًا، حيث لا يمثل فقط مكانًا للعبادة وإنما أيضًا إرثًا معماريًا وإنسانيًا يعكس عمق التاريخ الجزائري.

تعمل السلطات المحلية على تنظيم فعاليات ثقافية مرتبطة بتاريخ المسجد، إلى جانب جهود الحفاظ على بنيته التاريخية، ما يعزز مكانته كوجهة سياحية وثقافية يقصدها الزوار من مختلف أنحاء العالم، وتساهم هذه المبادرات في إبراز دوره كرمز من رموز الإرث الإسلامي في الجزائر.

يُعد جامع علي بتشين رمزًا للتاريخ المتنوع الذي مرّت به الجزائر، حيث يربط بين الماضي العثماني والحاضر المستقل، ويمثل زيارته فرصة للتعرف على أحد أعرق شواهد الحضارة الإسلامية التي جعلت من قصبة الجزائر مركزًا حضاريًا بارزًا، واستكشافه يُثري معرفة الزوار بالتراث العثماني والفني الذي لا يزال حاضرًا بقوة في ملامحه العمرانية.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار