الجمعة 1447/02/14هـ (08-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » العراق » مرئي » المعالم التاريخية » جامع خطوة الإمام علي في البصرة.. أقدم مساجد الإسلام خارج الحجاز

جامع خطوة الإمام علي في البصرة.. أقدم مساجد الإسلام خارج الحجاز

 

يُعد جامع خطوة الإمام علي، المعروف أيضًا باسم مسجد البصرة القديم، من أعرق المعالم الدينية في العراق وأول مسجد شُيّد خارج مكة والمدينة المنورة، حيث يعود تأسيسه إلى عام 635 ميلادية، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، على يد القائد عتبة بن غزوان والي البصرة آنذاك.

ويُشكل الجامع أحد الشواهد الحية على بدايات التمدد الإسلامي شرق الجزيرة العربية، ويحتفظ بمكانة دينية وتاريخية عالية لدى المسلمين، خصوصًا أتباع المذهب الشيعي، الذين يزورونه ويقيمون فيه شعائرهم، استذكارًا لخطوات الإمام علي بن أبي طالب في هذا المسجد.

مراحل التأسيس

شُيد الجامع في موقع مدينة البصرة القديمة باستخدام أجذاع النخيل، ثم أعيد بناؤه لاحقًا من اللبن والطين بعد أن دمره حريق كبير.

وفي عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، خضع لعملية إعادة بناء شاملة حافظت على موقعه وأهميته، لكن الفيضان الذي ضرب المدينة في العصر العباسي ألحق به أضرارًا جسيمة، ما أدى إلى تراجع مكانته بعد انتقال معظم السكان إلى موقع البصرة الجديد.

ومع ذلك، ظل المسجد محتفظًا بقيمته الدينية، وشهد العديد من اللحظات المفصلية في التاريخ الإسلامي، منها زيارة الإمام علي بن أبي طالب للجامع بعد معركة الجمل سنة 36 هـ، حيث صلى فيه وألقى خطبًا مؤثرة، كما شهد الجامع خطبة زياد بن أبيه الشهيرة المعروفة بالبتراء، ومجزرة الحجاج التي راح ضحيتها عدد كبير من وجهاء العرب، بالإضافة إلى كونه مسرحًا لبعض أحداث ثورة الزنج.

مركز علمي مبكر

لم تقتصر وظيفة الجامع على العبادة فقط، بل مثّل نواة للحياة العلمية والدينية في البصرة، فكان أول مدرسة لتدريس الفقه الإسلامي، والحديث النبوي، والأصول، والفلسفة، وتخرّج منه علماء أثروا المكتبة الإسلامية مثل الإمام عبد الله بن عباس المعروف بـ”حبر الأمة”، والحسن البصري، وواصل بن عطاء، كما سُجلت فيه أولى المحاولات لربط العقل بالنص في استنباط الأحكام، وهو ما شكل بداية لنشوء مدارس الفكر المعتزلي لاحقًا.

مكانة حالية

في العصر الحالي، يحتفظ مسجد خطوة الإمام علي بمكانة روحية لدى الشيعة في العراق وخارجه، إذ يقصده الزوار باعتباره من الأماكن المقدسة المرتبطة بسيرة الإمام علي، ويقيمون فيه الصلوات والمناسبات الدينية، خاصة خلال ذكرى معركة الجمل.

وتبلغ مساحة المسجد نحو 12 ألف متر مربع، ويتسع لأكثر من 10 آلاف مصلٍ، ويضم مئذنة بارتفاع 30 مترًا، وقبتين يبلغ ارتفاع كل منهما 15 مترًا، أما منارته المعروفة باسم “منارة الخطوة” فتبقى من أبرز معالمه، وتُعتبر شاهدة على عراقة الجامع ومكانته.

ورغم مرور قرون على تأسيسه وتعرضه للدمار عدة مرات، لا يزال المسجد يحتفظ ببعض من طابعه القديم، ويُعد من أبرز معالم مدينة الزبير والبصرة عمومًا، ويشكل جزءًا من الذاكرة الإسلامية التاريخية للعراق، ما يستدعي المحافظة عليه وترميمه ليظل شاهدًا على بدايات انتشار الإسلام خارج الحجاز.

المصدر: wikipedia

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار