جامع حمروين شاهد على العمارة الإسلامية في مقديشو
يعود جامع حمروين في مقديشو إلى القرن الثالث عشر الميلادي، ويُعد من أقدم المساجد في العاصمة الصومالية، وقد أنشأه الشيرازيون الذين وفدوا من بلاد فارس واستقروا في سواحل شرق أفريقيا.
يقع الجامع في حي حمروين، ويتميز بتصميمه المعماري الإسلامي التقليدي، مما يجعله معلماً دينياً وتاريخياً مهماً في المدينة، ويوثق لمرحلة مبكرة من تاريخ الإسلام في الصومال.
يمثل الجامع مزيجاً من الطراز الإسلامي الكلاسيكي والتأثيرات الفارسية، حيث بُني على طراز هندسي رفيع ويحتوي على 81 عموداً منقوشة بآيات قرآنية وزخارف متنوعة، تعكس دقة الصناعة وروح العبادة.
وتشير النقوش الموجودة في مدخل مئذنته إلى أن تاريخ بناء الجامع يعود إلى أول محرم سنة 630 هـ، وتُظهر اللوحة المثبتة على بوابته جملة افتتاحية ببسم الله الرحمن الرحيم، مع دعاء بالصلاة على الباني وذريته وكل من أسهم في بناء المسجد.
ويُعتقد أن بناء الجامع تم على يد أحد أبناء محمد بن عبد العزيز، الذي ارتبط اسمه بمراحل تأسيسه الأولى، وتظهر الكتابات المنحوتة بدقة على جدرانه اهتماماً خاصاً بتوثيق هذا العمل الديني.
ويعكس موقع الجامع في حي حمروين، الذي كان مركزاً تجارياً وثقافياً في تلك الحقبة، أهمية المسجد كعنصر أساسي في الحياة اليومية للمدينة، ليس فقط للعبادة، بل كمكان للعلم والتجمع الاجتماعي.
تتميز مئذنة الجامع بتصميم بسيط ومرتفع ينسجم مع بقية العناصر المعمارية، ويشكل علامة واضحة وسط نسيج المدينة القديمة، ورغم العوامل الطبيعية والسياسية التي أثّرت على مقديشو عبر القرون، إلا أن الجامع حافظ على كيانه، وما زال قائماً كمركز ديني يؤمه المصلون، ويعد من المعالم القليلة التي صمدت أمام التغيرات الجذرية التي شهدتها المدينة.
يؤكد وجود الجامع حتى اليوم على استمرارية تقاليد دينية وثقافية ضاربة في عمق التاريخ، ويثير الاهتمام بضرورة ترميمه وحمايته من التدهور، خاصة أنه لا يمثل فقط بيتاً للعبادة، بل شاهداً مادياً على المرحلة التي امتزجت فيها الحضارات الإسلامية والفارسية في شرق أفريقيا، وهو ما يجعله مرجعاً حياً في دراسة تطور العمارة الإسلامية في المنطقة.
المصدر: ويكيبيديا
