تشهد تلال مدافن مدينة حمد في مملكة البحرين على عراقة حضارة دلمون التي ازدهرت قبل آلاف السنين ، وتمثل هذه التلال جزءًا من موقع “تلال مدافن دلمون” المسجل على قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 2019 ، ويُعد من أكبر المواقع الأثرية من نوعه في العالم من حيث عدد التلال المكتشفة.
تتكون تلال مدينة حمد من ثلاثة حقول رئيسية وهي حقل بوري الذي يضم أكثر من 750 تلة بعضها مخصص للأطفال ، وحقل كرزكان الذي يمتد عبر منطقة تمر فيها الأودية وتنتشر فيه التلال بكثافة ، وحقل دار كليب الذي يقع جنوب مدينة حمد ويتميز بكثافة مرتفعة من التلال الموزعة على مساحة واسعة.
يعكس تنوع أحجام وأشكال هذه التلال اختلاف الطبقات الاجتماعية في حضارة دلمون ، حيث تُظهر الحفريات تباينًا في أساليب الدفن بين الأفراد مما يشير إلى بنية اجتماعية معقدة ، كما توضح التلال تفاوتًا اقتصاديًا بين السكان من خلال تفاوت أحجام المقابر ومكوناتها.
يُعتقد أن هذه التلال تعود إلى فترة دلمون المتأخرة بين عامي 2050 و1750 قبل الميلاد ، وقد بُنيت بأساليب هندسية دقيقة تُظهر معرفة متقدمة بالبناء والدفن ، وتُظهر بعض التلال وجود هياكل حجرية دائرية وقبور متعددة داخل تلة واحدة ما يشير إلى استخدامها لأجيال متعاقبة.
يُعد إدراج هذا الموقع ضمن قائمة اليونسكو شهادة عالمية على أهميته الثقافية والتاريخية ، ويعزز من مكانة البحرين في مجال حماية التراث ، كما يدفع بالمؤسسات المحلية إلى تكثيف الجهود لتوثيق الموقع وصيانته بما يتماشى مع المعايير الدولية للحفاظ على التراث.
توفر تلال المدافن مادة علمية نادرة للباحثين والدارسين حول أنماط الحياة والموت في دلمون ، وتُستخدم في العديد من الدراسات الأكاديمية التي تسعى لفهم تطور المجتمعات القديمة في الخليج ، وتُسهم نتائج هذه الدراسات في توثيق دور البحرين كحلقة وصل حضاري بين الشرق الأدنى ووادي السند.
يشكل الموقع أيضًا وجهة سياحية لزوار البحرين الذين يقصدونه لاكتشاف تاريخ يمتد لآلاف السنين ، ويُعد هذا الإقبال عاملًا محفزًا على تطوير البنية التحتية السياحية المحيطة بالموقع بما يعزز من دوره كمورد ثقافي واقتصادي في الوقت نفسه.
تُواصل الجهات المعنية في البحرين أعمال التوثيق والترميم داخل الحقول الثلاثة ضمن خطة وطنية لحماية التراث وتقديمه للعالم كدليل على عراقة حضارة دلمون التي شكلت واحدة من أبرز حضارات الشرق الأدنى القديم.
المصدر: ويكيبيديا