الأربعاء 1447/04/16هـ (08-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » تونس » مرئي » المعالم التاريخية » تربة الباي.. ضريح ملكي يروي تاريخ الحسينيين في تونس القديمة

تربة الباي.. ضريح ملكي يروي تاريخ الحسينيين في تونس القديمة

يتربع ضريح تربة الباي وسط مدينة تونس القديمة كأكبر أضرحة العاصمة وأكثرها أهمية، وقد شُيّد في عهد علي باي الثاني بن حسين بين عامي 1759 و1782 ليكون مدفناً للبايات الحسينيين الذين حكموا البلاد، ويعكس الضريح بطابعه المهيب عظمة تلك الحقبة ومكانة الحكام الحسينيين في الذاكرة الوطنية.

أدرج الضريح عام 1979 ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو باعتباره جزءاً من مدينة تونس القديمة، وهو ما منحه بعداً دولياً وأكد قيمته كأحد أبرز المعالم الأثرية، حيث يبرز دوره في الحفاظ على صورة الحكم الحسيني وتراثه، ويجذب اهتمام الزوار والباحثين من مختلف أنحاء العالم.

يتميز الضريح بفخامته المعمارية التي تجمع بين الطراز العثماني والتأثيرات الإسلامية المحلية، ويحتوي على قباب مزخرفة وأقواس منقوشة بعناية، إضافة إلى زخارف دقيقة تبرز براعة الحرفيين التونسيين الذين ساهموا في تشييده، وهو ما يعكس مزيجاً فنياً يعبر عن هوية تونس المعمارية في تلك الفترة.

تربة الباي في تونس.. تجلّيات الحكم والسلطة وسط أبهة جنائزية فاخرة

يحتضن الضريح قبور عدد من البايات الحسينيين وأفراد أسرهم، ويُعد بذلك شاهداً على تقاليد الدفن الملكي في تونس، كما يمثل مزاراً تاريخياً يوفر للزوار أجواءً روحانية مهيبة، ويتيح لهم فرصة للتعرف على قصص الحكام الذين تركوا بصماتهم في تاريخ البلاد.

يحافظ الضريح على مكانته الدينية والثقافية رغم مرور القرون، إذ ظل محط أنظار التونسيين وزوار المدينة، كما بقي علامة بارزة في المشهد العمراني للمدينة القديمة التي تحيط به أزقة وأسواق تقليدية، ما يضيف لزيارته بعداً حضرياً نابضاً بالحياة يجمع بين التاريخ والروحانية.

تواجه تربة الباي تحديات كبيرة في مجال الحفاظ على بنيانها، لذلك تخضع لبرامج صيانة دورية تهدف إلى حماية تفاصيلها المعمارية الدقيقة وضمان استمرارية حضورها للأجيال القادمة، وهو ما ينسجم مع الجهود الوطنية والدولية المبذولة لحماية التراث الإسلامي والعثماني في تونس.

يجذب الضريح شريحة واسعة من عشاق التاريخ والباحثين في العمارة الإسلامية، حيث يقدم لمحة عن أسلوب الحياة الملكية في تونس خلال فترة الحكم الحسيني، كما يعزز من مكانة المدينة القديمة كوجهة سياحية وثقافية، ويمنح الزوار تجربة فريدة تجمع بين الفن والتاريخ والدين.

يبرز الضريح أهمية حماية التراث العالمي باعتباره تجسيداً لتفاعل الحضارات عبر العصور، فهو ليس مجرد مدفن ملكي بل رمز للإبداع البشري وقدرته على صناعة الجمال، كما يروي قصصاً عن تونس الحسينية ويعكس دورها المحوري في التاريخ الإسلامي.

تمثل زيارة تربة الباي رحلة غنية بالمعاني، فهي فرصة للتأمل في تفاصيل العمارة المزخرفة، وللتعرف على التنظيم الاجتماعي والسياسي في تلك الفترة، وللاطلاع على الإرث الفني الذي تركه الحسينيون، وهو ما يجعلها محطة أساسية لكل من يسعى لفهم تاريخ تونس العريق.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار