السبت 1447/06/01هـ (22-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » تونس » مادي » المعالم التاريخية » بولا ريجيا الملكية.. عاصمة نوميديا ​​التي اختبأت تحت الأرض قروناً

بولا ريجيا الملكية.. عاصمة نوميديا ​​التي اختبأت تحت الأرض قروناً

تُمثل مدينة بولا ريجيا، التي يعني اسمها اللاتيني “بولا الملكية”، موقعاً أثرياً ومدينة تاريخية غاية في الأهمية، وتقع بالقرب من مدينة جندوبة في شمال غرب تونس، ويُعد هذا الموقع شاهداً على تعاقب الحضارات الكبرى التي حكمت منطقة شمال أفريقيا، بداية من القرطاجيين وصولاً إلى الرومان.

ترجع جذور تأسيس المدينة إلى القرن الرابع قبل الميلاد، لكنها لم تكتسب أهمية استراتيجية وحضارية كبرى إلا بعد سيطرة القرطاجيين عليها، والذين أسهموا في تطويرها،وقد خضعت المدينة للسيطرة الرومانية في عام 203 قبل الميلاد، في إطار التوسع الروماني في المنطقة.

تحولت المدينة إلى عاصمة للملك النوميدي ماسينيسا، حليف روما القوي، في عام 156 قبل الميلاد، ومُنحت صفة “الملكية”، ومن هنا جاء اسمها اللاتيني “بولا ريجيا”. وتُعتبر هذه الفترة نقطة تحول كبرى في تاريخ المدينة، حيث شهدت ازدهاراً معمارياً وحضارياً تحت الحكم النوميدي.

undefined

خضعت المدينة لاحقاً للحكم الروماني المباشر، وشهدت ازدهاراً كبيراً، ولا تزال معظم معالمها المكتشفة حتى اليوم تعود إلى تلك الحقبة الرومانية المزدهرة، ويحتوي الموقع على مجموعة مدهشة من المعالم المعمارية، مثل الفوروم و المسرح الأثري و الحمامات، التي تُظهر رقي التخطيط الحضري.

تُعد ميزة المنازل “تحت الأرض” فريدة من نوعها في بولا ريجيا، حيث كانت بعض المباني تُبنى بطبقات سفلية تحت مستوى سطح الأرض لتوفير الحماية من حرارة الصيف الشديدة، وقد ساعدت هذه الميزة في الحفاظ على أجزاء كبيرة من المدينة سليمة،وقد شهدت المدينة حالة من الركود والتراجع خلال العهد البيزنطي المتأخر.

هجر سكان المدينة موقعها شيئاً فشيئاً، وبدأت معالم الحياة تختفي منها بشكل كامل تقريباً بداية من الألفية الثانية للميلاد، لتغوص تحت رمال الزمن وتصبح موقعاً أثرياً مطموراً،وعادت الحياة إليها من خلال جهود التنقيب.

أقيمت أولى الحفريات المنهجية في الموقع ابتداءً من منتصف القرن التاسع عشر، لتتكشف الأسرار المعمارية والتاريخية للمدينة طوال القرن العشرين،وقد كشفت هذه الحفريات عن كنوز أثرية لا تقدر بثمن، مما أعاد للمدينة مكانتها التاريخية.

يضم الموقع حالياً متحفاً مهماً يعرض مجموعة نادرة من لوحات الفسيفساء الملونة والمتقنة الصنع، والتي كانت تُزين أرضيات منازل النبلاء والأثرياء في المدينة،ويحتوي المتحف أيضاً على توابيت وقطع أثرية أخرى تعود إلى العهود القرطاجية والنوميدية والرومانية.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار