تُشكل بحيرة أخنيفيس واحدة من أبرز المحميات الطبيعية في جنوب المغرب، وتتميز بموقعها على ساحل المحيط الأطلسي، وتعتبر متنزه أخنيفيس الوطني نقطة جذب هامة لعشاق الطبيعة والباحثين عن التنوع البيئي، إذ توفر البحيرة بيئة فريدة تتناغم فيها التضاريس الصحراوية مع المياه العذبة، وتحتضن العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض، وتعتبر ملاذاً آمناً للطيور المائية المهاجرة التي تتوقف عند البحيرة خلال رحلاتها الطويلة عبر القارات، ما يجعلها محط اهتمام الباحثين وعلماء البيئة.
ويشير الخبراء إلى أن بحيرة أخنيفيس تحمل أهمية أثرية كبيرة، إذ تضم بقايا مواقع تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وتكشف النقوش والحفريات عن أنشطة بشرية قديمة تتعلق بالصيد والزراعة، وتسلط الضوء على تطور المجتمعات البشرية في المنطقة، كما تعكس العلاقة بين الإنسان والطبيعة عبر الزمن، وتقدم لمحة عن التراث الثقافي القديم المرتبط بالبيئة الصحراوية الساحلية، ويتيح للباحثين دراسة الأنماط الاجتماعية والاقتصادية التي اعتمدت على الموارد الطبيعية للبحيرة ومحيطها.
ويؤكد العلماء أن بحيرة أخنيفيس تلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على التوازن البيئي للمنطقة، فهي تساعد على استقرار مستويات المياه الجوفية وتوفير الغذاء والمأوى للأنواع النباتية والحيوانية، كما تسهم في التخفيف من آثار التغير المناخي في البيئة الصحراوية القاسية، ويبرز أهمية المحمية كحلقة وصل بين التنوع البيولوجي المحلي والدولي، إذ توفر فرصاً تعليمية وبحثية للطلاب والعلماء، وتساهم في تعزيز الوعي البيئي لدى المجتمع المحلي والزوار على حد سواء.
ويضيف القائمون على المحمية أن إدارة بحيرة أخنيفيس تسعى إلى تحقيق التوازن بين السياحة البيئية وحماية الموارد الطبيعية، حيث يتم تنظيم زيارات تعليمية واستكشافية ضمن برامج مراقبة محكمة، كما يتم دعم البحث العلمي ودراسة الأنواع النادرة، ويعكس ذلك التزام المغرب بالمحافظة على تراثه الطبيعي والبيئي، ويعزز من مكانة البحيرة كمثال حي على الإدارة المستدامة للمحميات الطبيعية، ويتيح للزوار الاستمتاع بالطبيعة مع الحفاظ على سلامة النظام البيئي.
ويؤكد خبراء التراث والطبيعة أن إدراج بحيرة أخنيفيس ضمن القائمة الإرشادية لليونسكو عام 1998 ساعد في تسليط الضوء على أهميتها البيئية والثقافية، كما ساهم في جذب الدعم الدولي للمحافظة عليها، ويشكل خطوة أساسية لتعزيز جهود حماية التنوع البيولوجي في المغرب، ويضمن استمرار التراث الطبيعي والثقافي للبحيرة للأجيال القادمة، ويشجع على استكشاف الروابط بين البيئة والتاريخ البشري في المنطقة.
المصدر: مدار 21