تُعد مدينة الوادي الواقعة جنوب شرق الجزائر عاصمة ولاية الوادي، وقد اشتهرت محليًا وعالميًا بأسلوبها المعماري الفريد الذي يعتمد على القباب البيضاء، حيث يُطلق عليها اسم مدينة الألف قبة بسبب كثافة هذا الطراز في أسطح المنازل والمباني.
احتضنت المدينة نمطًا عمرانيًا تقليديًا يعكس التفاعل مع البيئة الصحراوية، إذ توفر القباب عزلاً حراريًا طبيعيًا يخفف من شدة حرارة الصيف وبرودة الشتاء، وهو ما جعل هذا الأسلوب ينتشر بشكل واسع ويترسخ في هوية السكان المعمارية والاجتماعية.
شكّلت قباب مدينة الوادي عنصر جذب للمهتمين بالعمارة المستدامة والهوية المحلية، حيث تبرز أهمية هذا الطراز كحل محلي للمناخ الصحراوي، وقد حافظ السكان على استخدامه في البناء رغم التوسع العمراني الحديث وتزايد المشاريع الإسمنتية في أطراف المدينة.
تميزت المدينة بامتدادها ضمن واحات نخيل ومناطق زراعية تعتمد على نظام الفقارة لجلب المياه الجوفية، ما جعلها تستفيد من إمكانيات بيئية محدودة لتحقيق استقرار سكاني، وتعكس بذلك تكيف الإنسان مع بيئته القاسية باستخدام أدوات معمارية ملائمة.
شهدت الوادي تحولات عمرانية سريعة خلال العقود الأخيرة، حيث دخلت مواد البناء الحديثة تدريجيًا إلى المدينة، غير أن ذلك لم يُلغِ الحضور الواضح للقباب في الأحياء القديمة، بل زاد من الاهتمام بها كعنصر تراثي يجب المحافظة عليه وتعزيزه في المشاريع الجديدة.
سجّلت الجزائر الموقع في القائمة الإرشادية المؤقتة للتراث العالمي التابعة لليونسكو تحت اسم وادي سوف، وهو الاسم التقليدي للمنطقة التي تشمل المدينة والواحات المحيطة بها، ويُنتظر أن تسعى السلطات لاحقًا لطلب إدراجه كموقع تراث عالمي دائم.
تُعد المدينة مركزًا تجاريًا وثقافيًا في الجنوب الجزائري، وتضم أسواقًا شعبية ومساجد ومدارس قرآنية، وتحتضن فعاليات ثقافية محلية تعزز من ارتباط السكان بتاريخهم وهويتهم، كما تُشجع مبادرات أهلية على ترميم القباب وصيانتها.
يطرح تصميم المدينة تساؤلات مهمة حول استدامة العمارة المحلية في مواجهة التوسع المدني الحديث، ومدى قدرة الحلول التقليدية على التفاعل مع متطلبات الحاضر دون فقدان الخصوصية الجمالية والبيئية التي تميز مدينة الوادي عن بقية مدن الجزائر.
المصدر: ويكيبيديا
