سجلت السعودية في عام 1445هـ/2023م طبق الهريس ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية في منظمة اليونسكو، وذلك بالشراكة مع الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، ويأتي هذا التسجيل ليؤكد على الأهمية الاجتماعية والثقافية لهذا الطبق الشعبي في المجتمعات الخليجية، حيث يُعتبر الهريس واحداً من الأطباق التراثية التي توارثها الناس جيلاً بعد جيل، ويرتبط تحضيره بمناسبات دينية واجتماعية مختلفة مثل شهر رمضان والأعياد وحفلات الزواج والمناسبات القروية.
يعتمد طبق الهريس على مكونات بسيطة لكنها تحمل قيمة غذائية كبيرة، إذ يتكون أساساً من القمح المجروش واللحم ويُطهى على نار هادئة لفترات طويلة حتى تندمج المكونات تماماً، وتُعد مهارات إعداده ونقله من جيل إلى آخر جزءاً من الممارسات الثقافية التي تعزز التواصل بين أفراد الأسرة والمجتمع، حيث تشارك النساء والرجال في مراحل التحضير والطهي والتقديم، مما يجعله مناسبة اجتماعية بحد ذاتها تتجاوز حدود المطبخ لتصبح فعلاً جماعياً يحمل رمزية الانتماء والكرم.
تعود أصول ممارسة إعداد الهريس في السعودية إلى عدة مناطق، من بينها نجد والأحساء والمنطقة الشرقية والحجاز، وتختلف طريقة التحضير من منطقة إلى أخرى في تفاصيل صغيرة تتعلق بكمية الماء ونوع اللحم ومدة الطهي، إلا أن الطابع العام للطبق يبقى موحداً، كما يبرز في المناسبات العامة والمهرجانات التراثية والأسواق الشعبية، مما يعكس حضوره القوي في الذاكرة الجمعية وارتباطه بالعادات المحلية الأصيلة.
شاركت الجهات الثقافية في المملكة بالتعاون مع شركائها في الإمارات وسلطنة عمان في إعداد الملف المشترك لتسجيل طبق الهريس في اليونسكو، وتم توثيق الدراية والمهارات والممارسات المرتبطة به من خلال بحوث ميدانية وتصوير مراحل التحضير والمقابلات مع أفراد المجتمعات المحلية، وتضمن الملف أيضاً خططاً تهدف إلى حماية هذا الإرث من الاندثار، من بينها برامج تدريبية للشباب، وتوثيق مكتوب ومرئي، وتشجيع المطاعم والمراكز الثقافية على تقديم الهريس ضمن قوائمها وتعريف الزوار به كجزء من الهوية الخليجية.
يعكس إدراج الهريس في قائمة التراث العالمي حرص المملكة على إبراز ثراء المطبخ الشعبي السعودي ودوره في بناء الذاكرة الثقافية، كما يعزز هذا الاعتراف أهمية المحافظة على العناصر غير المادية التي تعبر عن هوية المجتمع وقيمه وتقاليده في الحياة اليومية.
المصدر: saudipedia