تحافظ المرأة في ريف دير الزور بسوريا على ارتداء “الهبرية” كغطاء للرأس، وتختلف ألوانها وأشكالها لتعكس الحالة الاجتماعية، ويعود استخدامها إلى عصور قديمة حيث قيل إن زوجة أحد ملوك ماري وضعتها في أعراسها لأول مرة، لتصبح جزءاً من الهوية النسوية المحلية.
تظهر العصبة أو “الهبرية” كوشاح حريري يستر شعر الرأس ويترك الوجه مكشوفاً، وتثبت بطريقة فنية دقيقة تستغرق وقتاً طويلاً، وتستعين المرأة بصديقتها أو أمها لتعلّم فن تعصيب الرأس، كما تعلم الفتيات الصغيرات كيفية لفها بشكل صحيح لتظهر في أفضل صورة.
تصنع الهبرية من الحرير الخالص، وتتميز بشفافية ونعومة الملمس، وتلف على الرأس بحيث تصل مقدمتها إلى أعلى الجبين، وتطوى جانبي الرأس بشكل لولبي، ويشد طرفاها إلى مؤخرة الرأس، ويُضاف إليها جدائل تعرف بـ “كذلة” تتدلى لإضفاء أناقة على المظهر، وقد ذكرها الغناء الفراتي الشعبي لتعكس جمال المرأة ودورها الاجتماعي.
تتنوع ألوان وأشكال الهبرية حسب العمر والحالة الاجتماعية، فالمسنات يرتدين عصبة حمراء لنذر محدد، والمتزوجات يضعن عصبة سوداء، بينما الفتيات الصغيرات يرتدين عصبات ملونة، ويشير الباحث عبد القادر عياش إلى أن الهبرية مرتبطة بتراث دير الزور منذ العصر العباسي، وتختلف عن باقي النساء السوريات بتصميمها وطرق لفها على الرأس.
تعرض الهبرية بأنواع مختلفة منها العصابة القطنية الحمراء “محرمة”، وعصبة “عبده وجرغد” الكبيرة الخمرية، وعصابة “دوسة المهرا” السوداء، و”عجاج الخيل” ذات اللونين الأسود والأبيض، بينما تحتوي بعض الهبرية الحريرية على دنانات فضية تتدلى من أطرافها، وقد صيغت جميعها يدوياً بواسطة النول اليدوي وصبغت بألوان زاهية ورسوم نباتية مثل أوراق العنب والفستق.
تشير الوثائق الأثرية في مملكة ماري إلى استخدام غطاء الرأس لتحديد المرأة المتزوجة، حيث ارتدت العروس “شيبتو” غطاء الرأس ضمن مراسيم الزواج الملكية، كما كانت مغنيات المعبد يرتدين هذا الغطاء، وتدل المصادر التاريخية على أن السوريين برعوا في صناعة الملابس منذ الألف الرابع قبل الميلاد ونشروا منتجاتهم عبر البحار إلى مختلف أنحاء العالم.
يعني مصطلح “الهبرية” ما طال من ذهب القطن وما تعلق بأسفل الشعر من قشرة الرأس، ويُستخدم في الريف الفراتي والديري تحديداً كمرادف للهيباري، وهي أحد أشهر الأزياء النسوية الفراتية، وقد أحيي ذكرها في الغناء الشعبي الذي يعكس الثقافة والهوية الاجتماعية في المنطقة ويبرز الدور الفني للمرأة في الحفاظ على التراث المحلي.
المصدر: ويكيبيديا
