الثلاثاء 1447/04/22هـ (14-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » المملكة العربية السعودية » مرئي » الطعام » المندي.. كيف صعد طبق الأعياد من حفرة التنور ليغزو موائد العالم الحديث؟

المندي.. كيف صعد طبق الأعياد من حفرة التنور ليغزو موائد العالم الحديث؟

يمثل طبق “المندي” واحداً من الأطباق الشهيرة التي تعكس عراقة المطبخ العربي والخليجي على وجه الخصوص، وذلك بفضل مذاقه الغني وتاريخه العريق الذي تجاوز حدود شبه الجزيرة العربية، أصبحت هذه الأكلة تراثاً يُحتفى به في العديد من المناسبات الاجتماعية والدينية، وانتشرت شعبيتها حتى تحولت من وجبة محلية إلى طبق عالمي مطلوب، يُعتقد أن اسم “المندي” مشتق من كلمة “ندى”، التي تشير إلى طريقة الطهي التي تجعل اللحم طرياً ومشبعاً بعصائره الطبيعية.

يعود أصل “المندي” إلى جنوب شبه الجزيرة العربية، وتحديداً إلى منطقة حضرموت في اليمن، وكان يُعد جزءاً من التراث الغذائي التقليدي لسكان هذه المنطقة، ويُقدم في المناسبات الكبيرة مثل الأعراس والاحتفالات الدينية، نشأت هذه الأكلة في بيئة صحراوية تتطلب أساليب طهي فعالة ومبسطة، وتطورت طريقة الطهي الفريدة التي تعتمد على دفن الطعام في حفرة تحت الأرض، لتتناسب مع المتطلبات المعيشية، حيث كانت تتيح طهي الطعام ببطء للحصول على نكهات غنية ومميزة.

طريقة عمل المندي.. وصفات سهلة ولذيذة

يُطهى “المندي” تقليدياً في حفرة مغطاة تُعرف باسم “التنور”، حيث يتم إشعال الحطب أو الفحم في الحفرة لتوليد الحرارة، ثم يُعلق اللحم داخل التنور فوق الأرز، مما يسمح لعصائر اللحم بالتساقط عليه، وهذا يكسب الأرز نكهة مميزة لا تُضاهى.

يعتمد المندي على خليط من التوابل العطرية، مثل الهيل والقرفة والقرنفل والكركم، وهي التي تعطيه نكهته الفريدة التي تميزه عن غيره من الأطباق، كان هذا الطبق يعتبر أكلة احتفالية تُقدَّم في المناسبات السعيدة، ويرمز إلى كرم الضيافة في المجتمعات العربية.

شمل إعداد “المندي” في الماضي جميع أفراد الأسرة أو القبيلة، حيث كان يُعتبر نشاطاً اجتماعياً يعزز الروابط الأسرية والاجتماعية بين أفراد المجتمع، ومع تطور التكنولوجيا ظهرت أفران كهربائية حديثة تُحاكي التنور التقليدي، مما جعل إعداد المندي أسهل في المنازل والمطاعم الحديثة.

تم إدخال مكونات جديدة إلى الوصفة التقليدية مع مرور الزمن، مثل الزعفران والمكسرات، لإضافة مزيد من التنوع والنكهة الغنية للطبق، ومع انتشار النظم الغذائية المختلفة، ظهرت نسخ من المندي تعتمد على الخضروات بدلاً من اللحم، لتناسب النظام الغذائي النباتي.

يظل “المندي” طبقاً محبوباً ومطلوباً على نطاق واسع، وذلك بفضل النكهات الغنية الناتجة عن طريقة الطهي البطيء والتوابل العطرية، مما يجعله طبقاً لا يُقاوم، يحمل المندي في طياته جزءاً كبيراً من التراث والتاريخ العربي، مما يجعله رمزاً للفخر الثقافي لدى العرب في مختلف مناطق العالم، كما أن مرونة الوصفة وقابليتها للتعديل تجعل من المندي طبقاً يمكن إعداده بطرق متنوعة تناسب مختلف الأذواق الحديثة، ليواصل رحلته من حفرة التنور القديمة إلى موائد العالم المعاصر.

المصدر: الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار