الخميس 1447/05/01هـ (23-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » العراق » غير مرئي » المعالم التاريخية » المقام العراقي.. إرث موسيقي فريد يروي قصص التاريخ والإبداع في قلب بغداد

المقام العراقي.. إرث موسيقي فريد يروي قصص التاريخ والإبداع في قلب بغداد

في قلب الموسيقى الكلاسيكية العراقية، يتربع المقام العراقي، فهو ليس مجرد لحن أو أغنية، بل هو تركيب موسيقي متكامل يعكس ثراءً فنياً وتاريخياً لا مثيل له، إنه العنصر الغالب على الموسيقى التقليدية في بلاد الرافدين، ويحتوي على مجموعة واسعة من الأغاني التي تُعزف بآلات موسيقية تقليدية عريقة.

يحمل هذا الفن الشعبي في طياته كمية وافرة من المعلومات عن تاريخ المنطقة الموسيقي، كما يظهر بوضوح التأثيرات العربية التي سادت على مر القرون، وربما هذا ما يفسر ارتباط المقام العراقي، من حيث تركيبته وآلاته، بالموسيقى التقليدية في إيران وأذربيجان وأوزبكستان، مما يدل على عمق التفاعل الثقافي والفني بين هذه المناطق.

يشتمل المقام العراقي على أنواع متعددة وأنماط لحنية أساسية، كما يتضمن مقاطع صوتية ارتجالية تعتمد أحياناً على أدوار موسيقية مصاحبة، مما يؤدي إلى مزيج فريد من الأغاني الإنشادية والشعرية، وهو ما يجعله فناً قائماً بذاته، ويعكس ثراءً كبيراً في التعبير والإبداع.

تظهر براعة المغني في فن الارتجال، الذي يتيح له خلق تفاعل معقد مع الأوركسترا التي توفر المرافقة طوال العرض، وتضم الأوركسترا مجموعة من الآلات النموذجية، مثل آلة السنطور، وآلة الجوزة المزودة بأربعة أوتار، وطبل الدُمبك، والدفّ، مما يمنح العرض تنوعاً صوتياً وجمالاً فريداً.

المقام العراقي شاهد على عراقة حضارة بلاد الرافدين - شفقنا العراق | الوكالة الشيعية للأخبار من العراق، النجف، كربلاء والعالم

تقام عروض المقام العراقي عادة في الأماكن التي تعكس عمق جذوره، مثل الاجتماعات الخاصة والمقاهي والمسارح، وتستمد جذورها من الشعر العربي الكلاسيكي والعامي، وهو ما يجعلها قريبة من قلوب العراقيين، وتحظى بتقدير كبير من جميع أفراد الشعب، وتؤكد على أن المقام ليس مجرد فن بل هو جزء من الهوية الثقافية.

في عام 2008، أدركت منظمة اليونسكو القيمة الفنية والثقافية للمقام العراقي، وقامت بإدراجه في قائمة التراث الثقافي غير المادي، وهو ما يؤكد على أنه جزء لا يتجزأ من التراث الإنساني المشترك، ويستحق الحفاظ عليه ونقله للأجيال القادمة، كما يعزز مكانته كفن عالمي فريد.

إن الحفاظ على المقام العراقي مسؤولية كبرى، حيث يتطلب جهوداً مستمرة للحفاظ على تقاليده وقواعده، وتدريب الأجيال الجديدة من المغنين والموسيقيين، وذلك لضمان استمرار هذا الكنز الفني، كما يتطلب الحفاظ عليه تعاوناً دولياً لضمان بقاء هذا الإرث الإنساني المشترك، وحمايته من الاندثار.

المصدر: موقع المعرفة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار