يُبرز ثوب المفحح جانباً من الثراء الفني الذي ميّز الأزياء النسائية في منطقة نجد، إذ يُعد أحد أبرز الثياب التقليدية التي ارتبطت بالهوية السعودية القديمة، وعُرف بعدة أسماء منها “المتفت” و”المجزع” و”المجرح”، بينما يُعرف في البحرين باسم “المفحح”، وهو شكل متفرع من الثوب النشل الشهير الذي كان يُرتدى في المناسبات الكبيرة مثل الأعراس والأعياد، ويُصنع من أفخر أنواع الأقمشة المطرزة يدوياً بخيوط الذهب.
اعتمدت النساء في نجد على ثوب المفحح كرمز للأناقة والتميز، لما يتميز به من ألوان متعددة زاهية تجمع بين الأحمر والأخضر والأزرق والبنفسجي، وتُفصل هذه الألوان بشرائط ذهبية دقيقة تمنحه لمسة فاخرة تعكس الذوق الرفيع في تصميم الملابس آنذاك، كما كان يُطرز بخيوط دقيقة تفصل بين قطع القماش لتمنحه مظهراً مبهراً يليق بالمناسبات، فكان يرمز إلى الفخامة والمكانة الاجتماعية الرفيعة للمرأة التي ترتديه.
واستخدمت النساء في نجد قماش “التفتة” في صناعة هذا الثوب، وهو نوع من الحرير الرقيق الذي يمنح الملبس خفة وأناقة، وقد تأثر تصميم المفحح بالزي البدوي الذي يتميز بالاتساع وحيوية الألوان، بينما في البحرين اتخذ المفحح شكلاً خاصاً يتميز بشرائط قماشية تُعرف باسم “الفحاح”، وهي شرائط متعددة الألوان تُطرّز بعناية وتُزين بالترتر والخيوط اللامعة لتعكس الطابع الاحتفالي للثوب وتجعله من أبرز قطع الأزياء في الأعراس والمناسبات الوطنية.

ويُعد المفحح من فروع الثوب النشل الذي شاع في مناطق الخليج العربي عامةً، إذ يجمع بين فخامة النشل التقليدي وتنوع ألوان الأقمشة، بينما يضيف لمسة فنية تُبرز مهارة النساء اللاتي كنّ يتقنّ حياكته وتطريزه في البيوت، وكان إعداده يستغرق أسابيع طويلة نظرًا لدقّة العمل وتعدد تفاصيله، وكان اقتناؤه يُعد علامة على الرفاه الاجتماعي، فغالبًا ما كانت الأسر الميسورة فقط قادرة على امتلاكه أو تفصيله حسب الطلب.
ومع مرور الزمن، استمر ثوب المفحح كأحد الرموز البارزة في الموروث الشعبي الخليجي، إذ تحرص النساء في السعودية والبحرين على ارتدائه في الاحتفالات التراثية والمهرجانات الثقافية، وقد أدخل عليه المصممون المعاصرون بعض التعديلات في الأقمشة والألوان مع الحفاظ على طابع التطريز الذهبي الذي يُميزه عن غيره من الأثواب التقليدية، كما بات يُعرض في معارض الأزياء التراثية والمتاحف بوصفه نموذجًا للذوق الفني الذي تميّزت به المرأة الخليجية.
ويُعد استمرار الاهتمام بهذا الثوب دليلاً على تمسك المجتمعات الخليجية بجذورها الثقافية، حيث تمثل الأزياء التقليدية وسيلة للحفاظ على الهوية وإحياء قيم الجمال والأصالة التي ارتبطت بتاريخ المرأة في نجد والبحرين، ليبقى ثوب المفحح شاهدًا على تنوع الأزياء النسائية في الجزيرة العربية وعلى مهارة نساجيها الذين حولوا الأقمشة إلى لوحات فنية نابضة بالحياة.
المصدر: ويكيبيديا