الثلاثاء 1447/04/01هـ (23-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » العراق » مرئي » المعالم التاريخية » المضيف يجسد هوية الأهوار العراقية ضمن قائمة التراث الثقافي

المضيف يجسد هوية الأهوار العراقية ضمن قائمة التراث الثقافي

 

يشكل المضيف في منطقة الأهوار بجنوب العراق جزءاً رئيسياً من الهوية الثقافية والاجتماعية لسكان هذه المنطقة، إذ يعد المبنى المقوس الكبير المصنوع من القصب والبردي رمزاً لتراث يمتد لقرون طويلة، ويُستخدم المضيف كمكان رئيسي لاستقبال الضيوف وتبادل المعارف الشعبية ورواية القصص القديمة، إضافة إلى كونه ملتقى لإقامة الأنشطة الثقافية والطقوس الاجتماعية مثل حفلات الزفاف والمناسبات العامة، مما جعله مركزاً مجتمعياً ذا مكانة خاصة في حياة الأهالي.

ويتميز المضيف بأن عملية بنائه لا تقتصر على فئة معينة، بل يشارك فيها جميع أفراد المجتمع المحلي، حيث يتعاونون تحت إشراف شيخ القبيلة الذي يتولى توجيه خطوات العمل وضمان الالتزام بالتقاليد، وتُعد عملية البناء نفسها مناسبة اجتماعية تعزز روح التضامن وتعيد إحياء الروابط بين العائلات، كما تسهم في الحفاظ على المهارات والفنون الحرفية المتوارثة جيلاً بعد جيل.

وتتم عملية نقل هذه المهارات بطريقة غير رسمية تعتمد على الملاحظة المباشرة والممارسة العملية، إذ يكتسب الشباب خبراتهم من خلال المشاركة في مراحل البناء المتكررة، كما تسعى بعض المنظمات غير الحكومية إلى دعم هذا التراث عبر تنظيم ورش عمل داخل المضيف، تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على هذه الممارسات ونقلها إلى الأجيال القادمة في ظل التحديات التي تواجهها البيئة التقليدية في الأهوار.

اليونيسكو تدرج مهارات بناء المضيف العراقي ضمن قائمة التراث العالمي - أخبار الشیعة - ShiaWaves Arabic

ويمثل إدراج المهارات والفنون الحرفية لبناء المضيف في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو عام 2023 اعترافاً دولياً بقيمة هذا الموروث العراقي، ويؤكد أهمية صونه كجزء من الهوية الثقافية الوطنية، ويتيح هذا الإدراج فرصاً أكبر لتسليط الضوء على التراث الشعبي في جنوب العراق، وتعزيز الاهتمام العالمي به، بما يساهم في دعم المجتمعات المحلية وتمكينها من مواصلة الحفاظ على موروثها.

كما أن تسجيل المضيف ضمن القائمة الدولية يفتح المجال أمام مبادرات تعليمية وثقافية جديدة، مثل إنشاء برامج تدريبية للشباب، وإقامة معارض دولية للتعريف بفنون البناء التقليدي، فضلاً عن تشجيع السياحة الثقافية في مناطق الأهوار، وهو ما يساعد على توفير دعم اقتصادي يعزز من استدامة هذا التراث.

ويؤكد سكان الأهوار أن المضيف ليس مجرد مبنى معماري، بل هو مؤسسة اجتماعية قائمة بذاتها، تعكس روح الكرم والضيافة التي تميز المجتمع العراقي، كما أنه يرمز إلى التعايش مع البيئة الطبيعية، حيث يعتمد على مواد محلية مستدامة، ويشكل نموذجاً للتوازن بين الإنسان والطبيعة.

وبذلك يصبح المضيف أكثر من مجرد بناء، فهو عنوان لهوية ثقافية متجذرة، وفضاء يربط الماضي بالحاضر، ويعزز الوعي بأهمية حماية التراث غير المادي كجزء أساسي من التنوع الثقافي العالمي.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار