الأثنين 1447/02/24هـ (18-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » فلسطين » مرئي » المعالم التاريخية » المسخّن أكلة تراثية فلسطينية تسجل حضورها على مائدة رمضان

المسخّن أكلة تراثية فلسطينية تسجل حضورها على مائدة رمضان

حضرت أكلة المسخّن الفلسطينية بقوة على موائد شهر رمضان في العديد من البيوت الأردنية والفلسطينية، وشهدت عودة واسعة بين العائلات التي تبحث عن نكهة تراثية تعبّر عن تاريخ الأجداد وتمنح شعورًا بالدفء والانتماء، خاصة مع مواسم زيت الزيتون التي تضفي وفرة وطابعًا احتفاليًا خاصًا لهذا الطبق.

برزت مكونات المسخّن في ارتباطها الوثيق بالبيئة الفلاحية الفلسطينية، فخبز الطابون وزيت الزيتون والبصل والسماق والدجاج المطهو بحرفية تمثل مجتمعة القاعدة الأساسية لهذا الطبق، الذي يعود بجذوره إلى قرى الزيتون ومواسم الحصاد.

مسخن فلسطيني Recipe - مزنه بشاره | Asif

وتقوم طريقة تحضيره على خطوات دقيقة تبدأ بسلق الدجاج وتحضير كميات كبيرة من البصل المفروم وطهيه بزيت الزيتون مع السماق حتى يغمره الطعم واللون، ثم يُفرد المزيج على أرغفة الطابون وتحمّر في الفرن، لتكتمل التجربة بإضافة الدجاج المتبل والمحمّر والمزين باللوز.

وتقول خبيرة الاقتصاد المنزلي سميرة كيلاني إن المسخّن يجسد توازناً بين البساطة والغنى، إذ يعتمد على موارد متوفرة في معظم البيوت الفلسطينية، ويمنح شعوراً بالتشارك والترابط الأسري، حيث تجتمع العائلة حول طبق واحد، وترى أن إدخال بعض التعديلات على الطبق وتحويله إلى “رولات” مغلّفة كنوع من المقبلات لا يخدم الهدف الأصلي من الأكلة الذي يتمثل في غمر الأصابع بزيت الزيتون وعيش تجربة تقليدية كاملة، مشيرة إلى أن هذه التغييرات أضعفت الطابع الأصيل للوجبة.

بدوره، يرى الباحث في التراث نايف النوايسة أن المسخّن لا يحمل قيمة غذائية فحسب بل ثقافية واجتماعية أيضاً، مشيراً إلى أن ارتباطه بمواسم عصر الزيتون يعكس عمق العلاقة بين الطعام والأرض.

وذكر أن انتشاره في الأردن جاء نتيجة التداخل بين الشعبين الأردني والفلسطيني، واصفاً الطبق بأنه وليد للثقافة الزراعية الفلسطينية التي استفادت من وفرة الزيتون والبصل وخبز الطابون.

إفطار اليوم الثامن من رمضان 2023.. طريقة عمل المسخن الفلسطيني

وبيّن النوايسة أن الطبخة كانت تُعد قديماً في الطابون على نار الحطب، وهو ما يمنحها نكهة أقوى من الطهي الحديث، وتُقدّم غالباً مع اللبن أو الشنينة أو سلطة الحراثين، وتحمل اسم “المسخّن” لعلاقتها بزيت الزيتون الكثير والنار القوية أثناء الإعداد.

وسجّلت أكلة المسخّن حضورًا لافتًا على المستوى العالمي عندما تمكن أربعون طباخًا فلسطينيًا عام 2010 من إعداد أكبر صحن مسخّن في العالم في قرية عارورة، حيث بلغ قطره 4 أمتار ووزنه 1.35 طن، واحتوى على 500 دجاجة و500 كيلوغرام من البصل و170 لترا من زيت الزيتون و70 كيلوغراما من الصنوبر و50 كيلوغراما من السماق، إلى جانب 200 كيلوغرام من الطحين، ما منح الطبق دخولًا رسميًا في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.

ويمثل المسخّن اليوم مساحة مشتركة من الذكريات والمذاق والتقاليد، حيث لا يقتصر على القيمة الغذائية المرتفعة التي تبلغ نحو 1292 سعراً حرارياً في الوجبة الواحدة، بل يتجاوزها ليكون طقساً اجتماعياً يربط الأجيال ببعضها، ويمنح رمضان روحاً من الأصالة والانتماء.

المصدر: الجزيرة نت

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار