أسس المسجد العمري في درعا بسوريا الخليفة عمر بن الخطاب في السنة 14 للهجرة 635 ميلادي، وأشرف على البناء عدد من الصحابة بينهم أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل، وشُيد على أنقاض مبنى قديم ما أضفى عليه طابعاً معمارياً فريداً، وعبر القرون شهد المسجد توسعات وترميمات متعاقبة حافظت على هيكله التاريخي.
شكل المسجد نقطة انطلاق المظاهرات الأولى في درعا عام 2011، وارتبطت به الثورة السورية الحديثة، وأصبح رمزاً للحرية لدى السكان الذين خرجوا منه في تظاهرات اعتقاداً منهم بأن قدسية المكان توفر الحماية، كما احتفظ المسجد بدوره الديني والتاريخي كصرح معماري عريق ومكان للصلاة والتجمعات الروحية.

تعرض المسجد العمري لأضرار جسيمة خلال النزاع المسلح، ففي 2013 قصفت قوات النظام المئذنة الأثرية للمسجد ما أدى إلى تدميرها، وتسببت الأحداث في تراجع قدرة السكان على حماية المكان، كما أثرت على المشهد العمراني للبلدة القديمة وجعلت الحاجة للترميم أمراً ملحاً.
شهدت السنوات التالية محاولات لترميم المسجد، إلا أن المشاريع واجهت صعوبات مالية كبيرة، واعتمدت بعض المبادرات على التمويل المحلي والدعم من المجتمع المدني، مع التركيز على إعادة بناء المئذنة والحفاظ على الطراز المعماري الأصلي، بما يعكس أهمية المسجد التاريخية والثقافية.
استقطب المسجد العمري اهتمام الباحثين والمؤرخين الذين وثقوا دوره في التاريخ القديم والحديث للمدينة، وأصبح مقصداً للزوار المهتمين بالمعمار الإسلامي والتراث السوري، كما يمثل شهادة حية على الأحداث السياسية والاجتماعية التي مرت بها درعا عبر عقود، ويجسد قدرة السكان على الصمود أمام الصراعات.
المصدر: الجزيرة