الجمعة 1447/02/28هـ (22-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » سوريا » مرئي » الآثار » المدن المنسية في سوريا موقع تراثي يكشف طبيعة التواصل المعماري والديني بين الحضارات

المدن المنسية في سوريا موقع تراثي يكشف طبيعة التواصل المعماري والديني بين الحضارات

تضم شمال سوريا واحدة من أبرز المجموعات المعمارية القديمة المعروفة باسم القرى الأثرية أو “المدن المنسية” ، وقد أدرجت منظمة اليونسكو هذه المواقع ضمن قائمة التراث العالمي نظراً لقيمتها التاريخية والمعمارية الفريدة ، حيث تعود هذه القرى إلى العصور الرومانية والبيزنطية وتعكس ملامح الحياة الريفية في تلك الفترات.

تنتشر هذه القرى الأثرية في عدة كتل جبلية وصخرية تقع شمال غرب سوريا ، وتشمل مناطق مثل الكتلة الكلسية التي تحتوي على قرى مثل البارة وسرجيلا ورويحة وقلب لوزة وباقرحا ، وهي قرى مهجورة تضم مباني سكنية وكنائس ومعابد وحمامات بقيت آثارها ظاهرة حتى اليوم رغم مرور قرون على إنشائها.

المدن المنسية - ويكيبيديا

يمتد الوجود المعماري أيضاً إلى جبل سمعان الذي يضم آثاراً من بينها قلعة سمعان وقرى قاطورة ورفادة ، بينما يضم جبل الزاوية قرى مثل جرادة وخربة ماجليا ، وتنتشر قرى أخرى في جبل باريشا ومنطقة حارم مثل ديرونة وكفير وقلب لوزة ، حيث يتكرر الطابع المعماري نفسه الذي يعتمد على الحجارة الكلسية المنحوتة يدوياً دون استخدام الملاط في كثير من الأبنية.

تظهر القرى الأثرية في شمال سوريا كدليل على التطور التدريجي للحياة الاقتصادية والاجتماعية في تلك المنطقة خلال الفترة الممتدة من القرن الأول حتى القرن السابع الميلادي ، وتشير آثار الكنائس والمباني العامة إلى حجم التحول الديني والثقافي الذي رافق انتقال الحكم من الرومان إلى البيزنطيين ، كما تعكس أساليب البناء البسيطة قدرة المجتمعات الريفية على التكيّف مع الظروف الطبيعية والتضاريس الجبلية.

الدمار والتخريب المتعمّد في القرى القديمة في شمال سوريا، كنيسة الحصن في مدينة البارة

تواجه هذه المواقع التراثية تحديات كبيرة تهدد استمراريتها ، إذ ساهمت الحرب المستمرة في سوريا والتغيرات المناخية وانعدام الصيانة في تدهور حالتها ، ما دفع جهات دولية ومحلية إلى تكثيف الجهود لحمايتها من الانهيار الكامل والعمل على تسجيل ما تبقى منها ضمن الوثائق البصرية للموروث الإنساني المشترك.

تعتبر هذه القرى مصدراً هاماً لفهم بنية المجتمعات الزراعية التي سادت في المنطقة قبل قرون ، كما أنها تكشف طبيعة التواصل المعماري والديني بين الحضارات ، ولذلك فإن الحفاظ عليها يمثل ضرورة ثقافية ومعرفية للأجيال المقبلة في ظل مخاطر الإهمال والتدمير.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار