السبت 1447/05/10هـ (01-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الأردن » مرئي » الملابس » القمباز.. الثوب التقليدي العريق في بلاد الشام يقاوم الاندثار كرمز للهوية

القمباز.. الثوب التقليدي العريق في بلاد الشام يقاوم الاندثار كرمز للهوية

يُجسد القمباز الشامي أحد أبرز ملامح التراث العربي في بلاد الشام، إذ شكّل هذا الرداء الطويل رمزًا للوقار والمكانة الاجتماعية، وارتبط في الذاكرة الشعبية بوجهاء القرى وكبار العائلات والمثقفين، وكان يُرتدى في مختلف المناسبات كعلامة على الأصالة والهيبة، لكنه اليوم يواجه خطر الاندثار مع تراجع الاهتمام بالزي التقليدي لصالح الملابس الحديثة.

يُصنع القمباز عادة من قماش الجوخ السميك في فصل الشتاء أو من الكتان والقطن في الصيف، ويُعد تصميمه مزيجًا من البساطة والدقة، فهو ثوب طويل فضفاض يشبه الجلابية، إلا أنه يتميز بفتحه من الأمام مع قصة ضيقة عند الصدر تتسع تدريجيًا حتى القدمين، مما يمنحه شكلًا انسيابيًا يعكس أناقة الزي العربي القديم، أما ياقة القمباز فهي شريط يلتف حول الرقبة ويُغلق بأزرار مصنوعة من خيوط متينة تُثبت أحد الجانبين بالآخر.

يُرتدى القمباز فوق قميص داخلي يُعرف باسم “المنتيان”، ويُحزم بحزام عريض يُسمى “الكمر” أو “الشالة”، ويُكمل مظهره بغطاء الرأس التقليدي مثل الطربوش أو الحطة والعقال، في صورة تعكس التزام الرجل العربي بقواعد المظهر والاحتشام. ويرتدي الرجال تحته سروالًا فضفاضًا مصنوعًا من القطن، يسمح بحرية الحركة في الحياة اليومية، خاصة أثناء العمل أو السفر في المناطق الريفية.

تنوعت أنواع القمباز بحسب جودة القماش واستخدامه، فهناك “الديماية” المصنوع من القطن أو الكتان والمخصص للاستخدام اليومي، و”قمباز الروزا” المصنوع من الحرير الذي يُرتدى في الأعياد والمناسبات، و”قمباز الأطلس” ذو البريق الهادئ، بينما يُعرف القماش الصوفي المستخدم في فصل الشتاء باسم “الغنباز”، وهو من أثواب الطبقات الثرية قديمًا.

في فلسطين، اكتسب القمباز رمزية خاصة ولقبًا مميزًا هو “ثوب الموت والحياة”، لأنه كان يُلبس في جميع مراحل حياة الرجل وحتى وفاته، إذ يُدفن به كرمز للانتماء والكرامة، واعتبره الفلسطينيون جزءًا من هويتهم التي لا تنفصل عن الأرض والعادات، وفي سوريا كان القمباز شائعًا في مدن مثل حمص وحماة، حيث صُنع من الحرير النباتي وارتُدي مع صدرية مخططة وسروال أبيض، بينما في لبنان والأردن احتفظ الزي بمكانته في القرى الجبلية والمناطق الريفية.

ومع تغير أنماط الحياة في المدن، بدأ القمباز يختفي تدريجيًا من الاستخدام اليومي، ليقتصر ظهوره على المناسبات التراثية والأعراس الشعبية والعروض الثقافية، ويشير الحرفيون إلى أن تراجع صناعته يعود إلى ارتفاع تكلفة الأقمشة اليدوية وقلة الإقبال عليها، وهو ما يهدد بضياع جزء من ذاكرة بلاد الشام الثقافية.

ورغم ذلك، ما زال القمباز يحتفظ بمكانته كرمز للهوية والتاريخ، إذ يُعرض في المتاحف والمهرجانات التراثية، ويحرص كبار السن على ارتدائه كتعبير عن الأصالة والانتماء، ليبقى هذا الزي شاهدًا على حقبة عربية أصيلة لم تغب عن وجدان الناس رغم مرور الزمن.

المصدر: سكاي نيوز عربية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار