الجمعة 1447/02/14هـ (08-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » المغرب » مرئي » المعالم التاريخية » القفطان.. رمز تراثي يثير الجدل بين المغرب والجزائر

القفطان.. رمز تراثي يثير الجدل بين المغرب والجزائر

يمثل القفطان مظهرًا متجددًا لتراث عريق حافظ على خصوصيته الثقافية في بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ويعكس هذا الزي التقليدي ارتباط الشعوب بجذورها من خلال لباس يجمع بين الأناقة والهوية، وينتقل من جيل إلى آخر مع تعديلات تراعي تغير الأذواق وتطور التصميمات، ويبرز القفطان كأحد المظاهر البصرية التي تشهد على استمرار التقاليد رغم الحداثة.

ينتمي القفطان إلى فئة الملابس التي تحمل أكثر من وظيفة، فهو في ظاهره زي أنيق مخصص للمناسبات والأعراس والمواسم، إلا أنه في جوهره يحمل دلالات ثقافية وحضارية عميقة، حيث يمثل حضور القفطان في المجتمعات التي ترتديه امتدادًا لصورة جماعية عن الماضي المشترك والهوية الأصيلة، وقد حرصت شعوب عدة على إعادة تقديم القفطان بأشكال معاصرة مع الحفاظ على خطوطه العامة التي ترتكز على الانسيابية والزخرفة والنسيج الفاخر.

القفطان المغربي يتألق في النسخة الرابعة لموسم الرياض… – أنوار بريس

يستمر القفطان في فرض وجوده رغم تعدد البدائل وتغير الموضة، ويرجع ذلك إلى رمزيته التي تمنحه خصوصية وسط عالم من الأزياء السريعة، وفي المغرب، يظهر القفطان كأبرز لباس تقليدي نسائي، تتعدد فيه الأقمشة وتتداخل فيه الألوان ويكتمل بحزام مزخرف، ويجري ارتداؤه في حفلات الزفاف والاحتفالات الرسمية، ويُعتبر من رموز الأناقة المغربية التي تجد اهتمامًا خاصًا من دور التصميم محليًا وعالميًا، كما تسعى المملكة المغربية حاليًا لتسجيله رسميًا ضمن قوائم التراث غير المادي في منظمة اليونسكو.

وفي الجزائر، يأخذ القفطان طابعًا محليًا في أنماطه، حيث يظهر باختلافات متعددة في ألوانه وقصاته من منطقة إلى أخرى، ويعد جزءًا أصيلًا من التراث النسائي التقليدي، كما تحرص المصممات الجزائريات على إعادة تقديمه بشكل يواكب العصر دون التفريط في طابعه المحلي، وفي تونس، يمتلك القفطان خصوصية تاريخية ترتبط بالهوية الحضرية، ولا يزال يمثل زيًا للمناسبات رغم تراجع حضوره مقارنة بالمغرب والجزائر.

تحتفظ دول أخرى مثل سوريا ومصر ببعض الأنماط التقليدية التي تشبه القفطان، سواء في بعض مناطق الريف أو في المناسبات ذات الطابع التراثي، غير أن انتشار القفطان في هذه البلدان يظل محدودًا مقارنة بحضوره في دول المغرب العربي، كما أن هناك تباينًا في وجهات النظر حول أحقية نسب القفطان ضمن ملفات التراث المقدمة إلى اليونسكو، حيث شهدت السنوات الأخيرة جدلًا ثقافيًا بين المغرب والجزائر بخصوص هذا الزي الذي يشكل مادة رمزية في ملفات التراث الإقليمي.

يعكس القفطان مشهدًا ثقافيًا متعدد الطبقات، إذ يشكل تاريخه الممتد عبر قرون عنصرًا جامعًا بين مجتمعات تشترك في السياق الجغرافي والديني والاجتماعي، ورغم اختلاف طرق تقديمه، يظل القفطان حاضرًا باعتباره رمزًا من رموز الهوية المحلية والعابرة للحدود، ويعكس تمسك الشعوب بلباسها التقليدي بوصفه مرآة لذاكرتها الجمعية.

المصدر: الجزيرة نت

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار