الجمعة 1447/02/21هـ (15-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » اليمن » غير مرئي » المعالم التاريخية » الغناء الصنعاني.. تقليد موسيقي يمني متوارث منذ القرن الرابع عشر

الغناء الصنعاني.. تقليد موسيقي يمني متوارث منذ القرن الرابع عشر

سجلت منظمة اليونسكو عام 2008 أغنية صنعاء في قائمتها للتراث الثقافي غير المادي ، ويعكس هذا القرار الأهمية الكبرى لهذا النمط الموسيقي المتجذر في المجتمع اليمني منذ قرون ، ويؤكد ارتباطه الوثيق بالهوية الوطنية وبالطقوس الاجتماعية التقليدية في مختلف مناطق البلاد.

ينتمي هذا الفن الغنائي إلى تقليد موسيقي يمني متوارث منذ القرن الرابع عشر ، ويُعرف باسم الغناء الصنعاني أو أغنية صنعاء ، ويتضمن أداءً فرديًا لمغنٍ يصاحبه عازفان يستخدمان آلتين تقليديتين هما القنبوس اليمني والصحن النحاسي ، ويُؤدى هذا الفن في مناسبات الزفاف والجلسات والمجالس الثقافية التي تجمع مختلف فئات المجتمع.

يعتمد المغني على التفاعل مع النص الشعري لإبراز ملامح الجمال الصوتي دون التنقل بين الطبقات النغمية ، ويُقاس التميز الفني لديه بقدرته على تجميل اللحن وتحريك الوجدان من خلال التركيز على مضمون الكلمات وتقديمها بإحساس عالٍ ، ويأتي هذا الأداء منسجمًا مع الطابع التأملي والعاطفي الذي يميز الغناء الصنعاني.

تُكتب النصوص الغنائية لهذا الفن بمزيج من اللغة العربية الفصحى واللهجة اليمنية العامية ، وتزخر القصائد بالتلاعب اللفظي والمعاني الوجدانية المرتبطة بالحب والغياب والحنين ، ويجسد هذا المزج بين الشعر والموسيقى نموذجًا حيًا للفن العربي الذي يمزج بين العمق اللغوي والبساطة التعبيرية.

تُعد مدينة صنعاء التاريخية الحاضنة الرئيسية لهذا التراث ، إلا أن هذا الغناء تجاوز حدود العاصمة وانتشر في قرى ومدن يمنية متعددة ، ويشكّل حضوره في المناسبات الاجتماعية وسيلة فعالة للحفاظ على الذاكرة الجمعية وترسيخ التقاليد الثقافية داخل البيئة المحلية.

تسهم أغنية صنعاء في تعزيز التواصل بين الأجيال من خلال حفظ النصوص الشعرية وتعلم أساليب الأداء بشكل مباشر ، ويواصل الفنانون المحليون تدريب الشباب على هذا الفن لضمان استمراريته في ظل التحولات الاجتماعية وتراجع بعض مظاهر الحياة التقليدية في البلاد.

يُعد الاعتراف الدولي بهذا الفن فرصة لحمايته من الاندثار في ظل الظروف السياسية والثقافية المعقدة التي يعيشها اليمن ، ويتيح هذا الإدراج دعم مشاريع توثيق وتعليم الغناء الصنعاني بوسائل حديثة تحترم روح الأداء التقليدي وتساعد في نقله إلى منصات أوسع.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار