بُنيت مدينة العلا القديمة في القرن الثالث عشر فوق أنقاض مملكة لحيان، لتصبح مركزًا حضاريًا بارزًا في شمال غرب السعودية، وتعرف المدينة أيضًا باسم الديرة، وتعد محطة رئيسية على طريق الحج الشامي، وقد لعبت دورًا مهمًا في ربط الجزيرة العربية بالشام ومصر عبر القوافل، وأسهمت في تعزيز النشاط التجاري والديني خلال العصور القديمة والإسلامية المبكرة.
أدرجت اليونسكو الموقع ضمن قائمتها الإرشادية المؤقتة تقديرًا لأهميته التاريخية ضمن تراث الحج، وتسعى الهيئة الملكية للعلا لإدراجه رسميًا في قائمة التراث العالمي لتعزيز مكانته الدولية، ويشهد الموقع اهتمامًا عالميًا متزايدًا بفضل قيمته الأثرية وجماله الطبيعي الفريد، كما يستقطب الباحثين والباحثات لدراسة تطور الحضارات التي مرت عبر المنطقة من مملكة لحيان إلى العصور الإسلامية.
تعود أصول العلا إلى مملكة لحيان التي ازدهرت في الألفية الأولى قبل الميلاد، وتضم المدينة آثارًا حجرية مذهلة تشمل قبورًا منحوتة ومباني متقنة، تعكس عبقرية البناء القديم والقدرة على توظيف الموارد الطبيعية في العمارة، وتعد الصخور المنحوتة ونقوشها مصدرًا رئيسيًا لمعرفة الحياة الثقافية والدينية والسياسية لتلك الحقبة، كما تقدم المدينة مثالًا حيًا على التنظيم الإداري والاقتصادي للقوافل والمسافرين.
شهدت العلا أعمال تنقيب وترميم للكشف عن المزيد من الآثار والحفاظ على الهوية التاريخية، بينما تواجه المدينة تحديات كبيرة للحفاظ على مبانيها بسبب التعرية الطبيعية والمناخ الصحراوي القاسي، ويشير الخبراء إلى أن جهود الترميم تحتاج إلى دعم دولي لضمان استدامة الموقع كوجهة تراثية عالمية، ويطالب المختصون بتوثيق تاريخ المدينة ونقل إرثها الثقافي إلى الأجيال القادمة.
يعكس موقع العلا تنوع الحضارات التي مرت عبر المنطقة، ويبرز دورها كمركز إداري وديني وتجاري دعم الحجاج والتجار على درب زبيدة، كما تساهم المدينة في تعزيز الهوية الثقافية السعودية كجزء من تراث الحج والتاريخ العربي، وتستمر الجهود لتطوير الموقع سياحيًا لاستقطاب الزوار من داخل وخارج المملكة، ويعكس الموقع التواصل الحضاري بين الجزيرة العربية ومناطق الشرق الأوسط عبر القرون.
تظل العلا رمزًا للإبداع البشري والحضاري، وتحمل قصص الحضارات القديمة وتاريخ الحج العريق، وتوفر للزوار فرصة لفهم التفاعل بين الدين والتجارة والسياسة في العصور القديمة، كما تعكس المدينة قدرة الإنسان على التكيف مع البيئة الصحراوية واستغلال الموارد الطبيعية في البناء والتنظيم الحضري، ويؤكد الخبراء أن الحفاظ على العلا يمثل واجبًا ثقافيًا ووطنيًا يعزز مكانة المملكة عالميًا.
المصدر: ويكيبيديا
