السبت 1447/06/01هـ (22-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » المملكة العربية السعودية » مادي » الآثار » الطريف.. من حصن طيني إلى أيقونة تاريخية عالمية تروي فصولاً من تأسيس الدولة السعودية

الطريف.. من حصن طيني إلى أيقونة تاريخية عالمية تروي فصولاً من تأسيس الدولة السعودية

تَنتصب مدينة الدرعية التاريخية كشاهد حي على انطلاق الدولة السعودية الأولى، حيث يقع في قلبها حي الطريف الذي بُني أواخر القرن الثاني عشر الهجري، ويُصنف كواحد من أكبر الأحياء الطينية المسورة في العالم، وتُشير التقديرات إلى أن الحي بدأ يستقبل أئمة الدولة السعودية الأولى بدءاً من الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود.

تَجول الزائر في هذا الحي العريق بين معالم عمرانية فريدة، يبرز من بينها قصر سلوى، الذي كان في الماضي مقراً للحكم والإدارة، بالإضافة إلى جامع الطريف، الذي يُعد أكبر مسجد بني في تلك المرحلة التاريخية، ويضم الحي أيضاً نحو ثلاثة عشر قصراً كانت مقراً لسكن أفراد الأسرة المالكة، إلى جانب العديد من المباني الحكومية والإنسانية الأخرى.

اِستقر أئمة الدولة السعودية الأولى في الطريف، بدءاً بالإمام عبدالعزيز، ثم جاء الإمام سعود بن عبدالعزيز الذي شهد عهده توسعاً عمرانياً في الحي، ثم الإمام عبدالله بن سعود الذي واجه في أواخر حكمه حصار القوات العثمانية الغاشم للدرعية لمدة ستة أشهر في عام 1233هـ/1818م.

صَمد الحي الطيني التاريخي في وجه محاولات الحصار والهجوم العنيف، إلا أن قائد الحملة إبراهيم باشا وجه مدافعه التي كان يديرها مهندسون أوروبيون باتجاه الطريف مباشرة، لأنه كان الملاذ الأخير للإمام عبدالله بن سعود وحصن الدفاع عن الدولة، وقد تمكن إبراهيم باشا من تدمير أجزاء واسعة منه، لكن قوة البناء الطيني الأصلية أبقت أجزاء كبيرة منه شامخة.

حي الطريف التاريخي في الدرعية بمنطقة الرياض. (وزارة الثقافة)

اِكتسب الحي الطريف أهمية عالمية بعد إدراجه في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو في عام 1431هـ/2010م، ليصبح ثاني موقع سعودي ينال هذا الشرف بعد موقع الحِجر، ويُسلط هذا الإدراج الضوء على القيمة التاريخية والمعمارية الاستثنائية للحي كرمز لتأسيس الدولة السعودية.

أَولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود اهتماماً بالغاً بتطوير الطريف والدرعية، حيث ترأس اللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية التاريخية منذ عام 1419هـ/1998م عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، وهو ما يعكس الوعي العميق بضرورة صون هذا الإرث الوطني، كما يوجه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ببرنامج متقدم ومخصص لتطوير الحي ضمن خطط هيئة تطوير بوابة الدرعية.

اُفتتح مشروع تطوير حي الطريف التاريخي رسمياً في عام 1440هـ/2018م برعاية الملك سلمان، بهدف تحويله إلى مركز ثقافي سياحي دولي متكامل، يستعرض خصائصه التاريخية والثقافية والبيئية الفريدة، وفي عام 1444هـ/2022م، بدأ الحي باستقبال الزوار والسياح من جميع أنحاء العالم، ليضع الطريف في مصاف المدن التراثية العالمية.

يَحتضن الحي اليوم عدداً من المتاحف والمعارض المتخصصة التي تهدف إلى إثراء تجربة الزوار، ومن أبرزها “معرض الدرعية بقصر سلوى”، الذي يعرض تاريخ الدولة السعودية الأولى ونظام حكمها وإدارتها من خلال عروض مرئية ولوحات ومجسمات تحكي قصة القصر كمركز للحكم.

يُقدم “معرض الحياة الاجتماعية” للزائر تفاصيل دقيقة عن العادات والتقاليد اليومية لسكان الدرعية في ذلك الزمن، بينما يعرض “المعرض الحربي” الأدوات العسكرية المستخدمة في المعارك، ويُوثق قصة صمود الدرعية والدفاع عنها في الأيام الأخيرة للحصار.

يُخصص “معرض الخيل العربية” لتسليط الضوء على الاهتمام الملكي بالخيل العربية الأصيلة، وعرض طرق رعايتها والمواقع التي كانت تُستخدم كإسطبلات لها خلال فترة نماء الدرعية وازدهارها، وفي الوقت ذاته، يعرض “معرض التجارة والمال” في مبنى بيت المال القديم العملات والأوقاف والموازين، مسلطاً الضوء على التطور الاقتصادي الذي شهدته الدرعية كمركز تجاري في شبه الجزيرة العربية.

المصدر: سعوديبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار