الثلاثاء 1447/03/17هـ (09-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » العراق » مرئي » الملابس » الضيافة في زيارة الأربعين تجربة تراثية فريدة تعكس روح المجتمع العراقي

الضيافة في زيارة الأربعين تجربة تراثية فريدة تعكس روح المجتمع العراقي

يقدم العراقيون نموذجًا استثنائيًا في الكرم والتكافل الاجتماعي من خلال توفير الخدمات والضيافة لزوار أربعينية الإمام الحسين، حيث تمتد هذه الممارسة عبر المناطق الوسطى والجنوبية من العراق، لتستقبل مواكب الحجيج المتوجهة إلى مدينة كربلاء.

وتتحول الطرق المؤدية إلى الضريح إلى فضاء واسع يعكس التماسك الشعبي، إذ يبادر الأهالي إلى فتح أبواب منازلهم ونصب السرادق وتوزيع الطعام والماء والملابس مجانًا، في صورة حية لقيم العطاء المتجذرة في الهوية الثقافية العراقية.

ويشارك في هذه المبادرات آلاف المتطوعين من مختلف الأعمار، حيث يقدمون خدمات متنوعة للزوار الذين يقطعون مسافات طويلة سيرًا على الأقدام، بدءًا من توفير الوجبات اليومية والمشروبات الدافئة، وصولًا إلى الخدمات الطبية والإرشادية، وتبرز هذه الجهود كأعمال خيرية جماعية تنبع من روح الإيمان، وتعكس طبيعة المجتمع العراقي الذي يجد في هذه المناسبة فرصة لتجسيد التضامن وتعزيز الروابط الاجتماعية.

توفير الخدمات والضيافة خلال زيارة الأربعين | Archiqoo

وتتجاوز الضيافة حدود الطعام والشراب، إذ تشمل توفير أماكن للراحة والمبيت، إلى جانب إنشاء نقاط إسعاف ميدانية لتقديم الرعاية الصحية الطارئة، فضلاً عن تخصيص فرق شبابية لتوجيه الحجاج وتنظيم حركة السير، وتعمل هذه الجهود بشكل تكاملي، حيث يحرص الجميع على أداء دورهم بما يضمن راحة الزوار ويعكس التزام المجتمع بقيم التضحية والإيثار التي تمثل جوهر المناسبة.

ويعد توفير الخدمات خلال زيارة الأربعين ممارسة ثقافية تحمل دلالات رمزية عميقة، فهي تعكس الانتماء المشترك والولاء التاريخي لقضية الإمام الحسين، كما تعبر عن استمرارية التقاليد العراقية في مجال الضيافة، ويؤكد المشاركون أن هذه الممارسات ليست مجرد طقوس دينية، بل هي تعبير عن الهوية الوطنية الجامعة، وعن رغبة المجتمع في مشاركة الزوار تجربة روحانية وإنسانية لا مثيل لها.

وقد اكتسبت هذه الممارسة اعترافًا عالميًا حين أدرجت عام 2019 في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي في العراق، الأمر الذي يبرز قيمتها الحضارية، ويؤكد دورها في تعزيز التنوع الثقافي وصون التراث الإنساني، ويعكس هذا الإدراج الأهمية الكبرى لزيارة الأربعين باعتبارها حدثًا عالميًا يجذب ملايين الزوار سنويًا، ويحول المدن العراقية إلى مساحات مفتوحة للتواصل الثقافي والإنساني.

وبين الإيمان والكرم الشعبي، تظل الضيافة في زيارة الأربعين تجربة فريدة تعكس روح المجتمع العراقي، وتؤكد على استمرار تقاليد الضيافة والعطاء التي صاغت تاريخ البلاد، ورسخت مكانتها كأرض للتآخي والتسامح والإنسانية.

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار