تميّزت مدينة الصويرة بإدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2001 ، وهو ما يجسّد الاعتراف الدولي بقيمتها المعمارية والثقافية ، حيث تُعد المدينة نموذجًا نادرًا لمدينة محصّنة من القرن الثامن عشر تجمع بين التأثيرات الأوروبية والإسلامية في تصميمها العمراني.
احتفظت الصويرة بطابعها الأصلي من خلال معالمها المتكاملة ، حيث تضم المدينة العتيقة أزقة ضيّقة ومنازل بيضاء بأبواب ونوافذ زرقاء ، وتنتشر فيها الأسواق التقليدية التي تعكس أساليب الحياة اليومية لسكانها ، كما توجد ورشات الحرفيين التي لا تزال تنتج الخشب المنقوش والمجوهرات المحلية.
تميّزت المدينة بمينائها الذي كان في الماضي بوابة المغرب نحو أوروبا والعالم الجديد ، وقد شكّل الميناء مركزًا تجاريًا حيويًا ساهم في ربط الاقتصاد المحلي بالأسواق الخارجية ، بينما تحيط به أسوار ضخمة وأبراج مراقبة كانت تحميه من الغزوات وتمنح المدينة حضورًا استراتيجيًا مميزًا على المحيط الأطلسي.
اشتهرت الصويرة بصقالة القصبة التي تتمركز عند مدخل الميناء ، وهي عبارة عن قلعة مربعة الشكل ذات طراز برتغالي تعكس فترة تاريخية مرّت بها المنطقة ، كما احتفظت المدينة بأسوارها المرتفعة التي تصل إلى أحد عشر مترًا ، وهي معالم هندسية تعبّر عن قوة التنظيم الدفاعي الذي ميّز الحواضر الساحلية المغربية.
حافظت الصويرة على طابعها التعددي الديني من خلال احتضانها لتقاليد التعايش بين المسلمين واليهود ، وتوجد بها معالم دينية مثل كنيس الحاخام بينتو وكنيس صلاة الكهل اللذان يشهدان على التنوّع الثقافي والديني الذي شكّل جزءًا من هوية المدينة منذ قرون.
ضمّ متحف سيدي محمد بن عبد الله مجموعة متنوعة من المقتنيات التي توثّق التاريخ المادي وغير المادي للمدينة ، حيث يعرض قطعًا أثرية قديمة ووثائق نادرة تعكس تطوّر الحياة في المدينة من العصور القديمة حتى العصر الحديث ، كما يمثل المتحف مركزًا للبحث والتوثيق الثقافي.
نجحت المدينة في أن تتحول إلى وجهة سياحية تستقطب الزوّار من داخل المغرب وخارجه ، ويزور الآلاف سنويًا شواطئها ومعالمها وأسواقها ومهرجاناتها الثقافية ، خصوصًا مهرجان كناوة الذي يعكس البعد الإفريقي في ثقافتها الموسيقية ويجذب جمهورًا واسعًا من محبي الفن العالمي.
استطاعت الصويرة أن تحافظ على توازنها بين الأصالة والانفتاح الثقافي ، بفضل حماية معالمها وترميم مواقعها الأثرية ، إلى جانب تنشيط الحياة الثقافية عبر مهرجانات ومبادرات فنية تُعيد تقديم المدينة كفضاء للتفاعل الحضاري والتاريخي.
المصدر: اليونسكو