السبت 1447/02/22هـ (16-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الإمارات العربية المتحدة » مرئي » المعالم التاريخية » “الصقارة”.. تراث ورمز للشجاعة والقوة عند العرب

“الصقارة”.. تراث ورمز للشجاعة والقوة عند العرب

تمارس قبائل العربية وأسر العريقة منذ قرون طويلة تربية الصقور والصيد بها، باعتبارها واحدة من أقدم التقاليد المرتبطة بالبيئة الصحراوية والهوية الثقافية، حيث يطلق على هذه الهواية أسماء مختلفة مثل الصقارة أو البيازة أو البزدرة أو المقناص، ويُعرف من يمارسها بالصقار أو البازدار أو البياز، وقد انتقلت هذه الهواية من شبه جزيرة العرب إلى شمال إفريقيا وأوروبا، وأصبحت ممارسة شائعة بين الملوك والأمراء والرحالة، مثل الرحالة الألماني كارل رسوان الذي وثقت له صور وهو يصطاد بالصقور في شمال السعودية مرتدياً زياً عربياً تقليدياً.

استخدم المربون الصقور في اصطياد فرائس صغيرة مثل الأرانب والطيور، خصوصاً طائر الحبارى، وقد تطورت العلاقة بين الصقر ومربيه لتتجاوز الصيد، وأصبحت رمزاً للتفاعل الروحي والاحترام المتبادل، حيث تبدأ الصقارة باصطياد الصقر ثم ترويضه وتدريبه والعناية به، مستخدمين أدوات مصنوعة يدوياً مثل البرقع الجلدي لتغطية رأس الطائر، والوكر الخشبي الذي يوضع على الرمال كمكان راحة له.

تعليم الصقارة من «ألف» الريش إلى «ياء» التحليق - زهرة الخليج

يتميز الصقر بقدرات جسدية تجعله صياداً ماهراً، فهو طائر جارح نهاري يملك أجنحة طويلة مدببة ومنقاراً معقوفاً، كما يمتلك بصراً حاداً وجسداً انسيابياً ومخالب قوية، وتختلف أحجامه باختلاف نوعه، فمنها ما يبلغ وزنه أكثر من عشرة كيلوغرامات كبعض الأنواع في جنوب إفريقيا، ومنها ما لا يتجاوز وزنه مئتي جرام مثل “المرلين”، وتصل أنواع الصقور إلى نحو 300 نوع تتفاوت في البنية والسلوك.

تنقسم الصقور المستخدمة في الصيد إلى ثلاث فئات وفقاً لشكل أجنحتها وطبيعة الفرائس، فهناك الصقور طويلة الأجنحة مثل الشاهين والصقر الحر التي تصطاد الطيور في الأجواء المفتوحة، وهناك قصيرة الأجنحة مثل الباز التي تتسلل من بين الأشجار لمباغتة فرائس أرضية، أما الصقور عريضة الأجنحة مثل العقاب فتنشط في المناطق الجبلية والريفية ولها طرائد متنوعة.

وثقت منظمة اليونسكو تربية الصقور ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي للبشرية عام 2010، مشيرة إلى أن هذه الممارسة باتت تعبر عن قيم المشاركة والصداقة، وأنها تنتقل من جيل إلى آخر من خلال اصطحاب الأبناء وتعليمهم ضبط الطائر والتفاعل معه.

سياحة وترفيه / موروث "الصقارة".. تراثٌ يستهوي عشاق الصيد والصقور بمنطقة الجوف

وتمارس الصقارة في دول عدة بينها الإمارات والسعودية وقطر والمغرب وسوريا، كما تشمل تقاليدها عناصر ثقافية أوسع مثل الأزياء والموسيقى والطعام والشعر.

في المغرب، تحتفظ قبيلة القواسم بتراث الصقارة الذي يمتد منذ قرنين، ويعرف محلياً باسم “البيازة”، وتديره جمعيات مثل جمعية الشرفاء القواسم لتربية الصقور، وجمعية الصيد بالصقور بأولاد افرج، حيث توثق هذه الجمعيات المخطوطات التاريخية التي تعكس اهتمام أمراء الأندلس وسلاطين المغرب بالصقارة، منها مرسوم السلطان مولاي الحسن الأول عام 1885 الذي يعفي الصقارين من الضرائب.

ويتم إحياء هذا التراث في مهرجانات سنوية مثل موسم مولاي عبد الله أمغار ومهرجان القواسم بمشاركة عربية واسعة، مما يعزز التواصل الثقافي ويؤكد الحضور المستمر لهذه الممارسة في ذاكرة الشعوب.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار