الأثنين 1447/05/12هـ (03-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » اليمن » مرئي » الطعام » السلتة اليمنية تحمي الأجساد من البرد وتروي تاريخ العادات على المائدة

السلتة اليمنية تحمي الأجساد من البرد وتروي تاريخ العادات على المائدة

تتربع السلتة اليمنية على موائد صنعاء كوجبة رئيسية لا تغيب عن أي عزومة، وتستمر شعبيتها بين الأسر منذ عقود، وتتميز بمزيج من المرق والحلبة والبصل والبيعة المفرومة مع قليل من الأرز والبطاطا، كما يضاف إليها البيض والخضروات كالطماطم والفلفل الحار والبامية وبعض التوابل، ويُدخل أحيانًا اللحم المفروم أو التونة حسب رغبة الأسرة، وتؤكل ساخنة مع خبز الملوج المحضر بالتنور خصيصًا للسلتة، ما يجعلها وجبة متكاملة غذائيًا وتناسب أجواء المناطق الشمالية الباردة.

يحضر الطهاة السلتة في أوعية خاصة تُعرف بالمقلى أو المدرة، مصنوعة من حجر الحرض أو الفخار المنحوت يدويًا، ما يحافظ على سخونة الطعام طوال فترة تناوله، وتبرز هذه الأوعية الإبداع الفني التقليدي، وتمنح السلتة مذاقًا ورائحة فريدة، كما تُضفي جوًا دافئًا على الجالسين حول المائدة، خصوصًا في فصل الشتاء، إذ يُقدر السكان قيمتها ليس فقط من حيث الطعم وإنما كملاذ يقيهم برد الشوارع القارس.

أوضح المؤرخ اليمني محمد ياسين أن أصل السلتة يعود إلى الحقبة التركية في اليمن، حين كان الحراس اليمنيون يجمعون بقايا الطعام والخضروات ويعيدون طهوها معًا، وتوارث اليمنيون هذه الوصفة وأضافوا عليها لمساتهم، واعتُبرت السلتة لاحقًا رمزًا من رموز التاريخ اليمني العريق، وذكرت بعض المصادر أن اسمها مأخوذ من الكلمة الإنجليزية salad، إذ عدل اليمنيون في مكوناتها لتلائم أذواقهم، ما يعكس قدرة المطبخ اليمني على الاستفادة من التقاليد الأجنبية ودمجها بأسلوب محلي.

يرتاد سكان العاصمة صنعاء مطاعم متخصصة لتناول السلتة في وقت الظهيرة، ويُعتبر مطعم القوزي في حي الحصبة أحد أبرز هذه المطاعم، إذ يمثل الجيل الرابع من أسرة احترفت صناعة السلتة، ويحرص الطباخون على عشق المهنة أولًا قبل أي اعتبار للربح، ويقول فهد القوزي إن إتقان تحضير السلتة يحتاج إلى معرفة دقيقة بالمكونات ودرجة الحرارة وطريقة الطهو على المدرة، كما أن بساطة المطاعم لا تقلل من جودة الطعام، فالأواني النحاسية الضخمة والطاولات الحديدية هي ما يميز تجربة تناول السلتة التقليدية.

يزداد الإقبال على السلتة مع حلول فصل الشتاء القارس، حيث يبحث الناس عن دفئها الذي يستمر لساعات بعد تناولها، كما أن تكلفتها المعقولة تجعلها خيارًا يوميًا مناسبًا، وتبقى السلتة رمزًا للمطبخ اليمني الشعبي يعكس التراث الثقافي والغذائي، ويجمع بين الطعم الشهي والقيمة الغذائية، ما يجعلها طبقًا متوارثًا يربط بين الأجيال ويبرز الهوية اليمنية على المائدة، ويستمر عشاقها في صنعاء والمحافظات الباردة الأخرى في الاحتفاظ بعادة تناولها رغم تغير الأزمنة والتقاليد الحديثة.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار