يُجسد ثوب الديراك الصومالي أحد أبرز ملامح الهوية الثقافية في الصومال، إذ يعكس جانباً من تاريخ النساء الصوماليات وعلاقتهن بالتراث المحلي، ويُعد الزي الأكثر حضوراً في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات الكبرى، ويُظهر مزيجاً من الجمال والعملية في آن واحد، حيث صُمم ليتناسب مع طبيعة المناخ الحار في البلاد ويمنح مرتديته الراحة والحرية في الحركة، ويرتبط اسم الديراك بالكلمة الصومالية التي تعني الحماية، في إشارة إلى وظيفته الأصلية في الوقاية من حرارة الشمس.
تُفضّل النساء ارتداء الديراك في الأعراس والمهرجانات، حيث يُعتبر رمزاً للأناقة التقليدية، ويُصنع غالباً من أقمشة الشيفون أو الحرير لشفافيتها وخفتها، فيما تُستخدم أحياناً خامة المخمل لتقديم مظهر أكثر وقاراً وخصوصية في المناسبات المسائية.
ويُرافق الثوب عادة تنورة طويلة تُعرف باسم “جورجوراد” تغطي الساقين بالكامل، وشال يُسمى “جارباسار” يُلف حول الرأس أو الكتف بطريقة أنيقة تضيف لمسة من الوقار والجمال إلى المظهر العام.

وتُظهر الصور التاريخية من القرن التاسع عشر نساءً صوماليات يرتدين هذا الزي المطرز والمزخرف بالمجوهرات التقليدية، مما يؤكد عمق جذوره الثقافية واستمراريته عبر الأجيال.
نشأ الديراك في شمال الصومال قبل أن ينتشر في القرن العشرين إلى جيبوتي وبقية المناطق الصومالية، وقد ساهمت حركة التجارة في توسيع نطاق استخدامه حتى أصبح زياً معروفاً في بعض دول شرق إفريقيا.
وحرصت النساء على تطوير تصميماته بمرور الوقت، فظهرت نسخ مطرزة بخيوط ذهبية أو فضية وأخرى مزينة بالخرز والترتر، بينما ظل الشكل التقليدي منه محافظاً على بساطته ورونقه الأصلي، في مزيج يجمع بين الأصالة والتجديد.
تُعد صناعة الديراك من أبرز مظاهر الحرف النسائية الصومالية، إذ تتقن النساء تفصيله وخياطته يدوياً بما يتوافق مع مقاييس الجسد، كما يُعتبر اقتناؤه جزءاً من جهاز العروس، ويُهدى غالباً في المناسبات العائلية كرمز للمودة والاحترام.
أما النوع المنزلي المعروف باسم “الديراك شييد” أو “الباتي”، فيُصنع من القطن الخفيف ويُستخدم كلباس يومي مريح، ويُقبل عليه سكان مناطق شرق إفريقيا بسبب خفته وسهولة ارتدائه، وهو مثال واضح على انتشار التأثير الصومالي عبر التجارة والعلاقات الاجتماعية.
يحمل الديراك في تفاصيله قصة مجتمع يحافظ على موروثه في مواجهة الحداثة، إذ ما زال يمثل هوية المرأة الصومالية وارتباطها بجذورها رغم التغيرات السريعة التي يشهدها العالم، ويظل ارتداؤه في المناسبات دليلاً على الفخر والانتماء والتمسك بعراقة الثقافة التي شكلت جزءاً من التاريخ الإفريقي.
المصدر: ويكيبيديا