الدراعة، أو ما يعرف بالمقطع، تجسد عبر تفاصيلها الدقيقة ومكانتها الاجتماعية أحد أبرز مظاهر التراث النسائي في المملكة، ويأتي حضورها قوياً في المناطق الشمالية والشرقية والوسطى، حيث لا تزال كثير من النساء يتمسكن بها في حياتهن اليومية، وفي مناسباتهن الخاصة، باعتبارها رمزاً للانتماء الثقافي وللهوية البصرية التي تميز السعوديات.
انطلقت الدراعة بوصفها زياً تقليدياً واسعاً ومريحاً يمتد حتى الكعبين، ويتسم بأكمام طويلة تبدأ واسعة عند الكتفين ثم تضيق تدريجياً حتى الرسغ، مما يضفي عليه طابعاً عملياً يتناسب مع بيئة الحياة الاجتماعية والأنشطة اليومية، كما يعكس اتساقاً مع القيم المحلية المرتبطة بالحشمة والخصوصية.
وتكتسب الدراعة أهميتها من كونها زياً رئيسياً للمرأة في تلك المناطق، حيث تستخدم في المناسبات الرسمية والاجتماعية، كما تحتل مكانة بارزة في الحياة اليومية لنساء الريف والقرى، بل ما زالت بعض الأسر الحضرية تحرص على ارتدائها داخل المنزل أو في لقاءات العائلة والجيران.
ترمز الدراعة إلى ارتباط المرأة السعودية بجذورها، وتعبّر عن رغبة مستمرة في صون التقاليد وإبرازها في وجه التغيرات الحديثة في أنماط الملبس، التي غالباً ما تتأثر بثقافات أجنبية بعيدة عن البيئة المحلية، ولهذا يُنظر إليها باعتزاز، كما تُورّث بين الأجيال داخل بعض الأسر، لتبقى حاضرة في الذاكرة الجماعية كقطعة مرتبطة بمناسبات الفرح أو برموز العائلة.
تتكون الدراعة من أجزاء دقيقة تميزها عن أي زي تقليدي آخر، فهي تُخاط من قطع متعددة تُعرف محلياً بأسماء مثل البدن والأكمام والبنيقة، وتُفصل هذه الأجزاء بعناية لتمنح الزي الشكل الواسع المطلوب والراحة في الحركة.
وتحرص بعض النساء على تفصيل الدراعة من أقمشة فاخرة مثل الحرير أو القطن الثقيل، فيما تُزيّنها الأخريات بخيوط ملونة أو تطريزات بسيطة تعكس الذوق المحلي، مع الحفاظ على روح الأصالة.
وعلى الرغم من تحولات العصر الحديث في الملبس، يظل لهذا الزي حضور مستمر، وتبذل جهود فردية وجماعية في بعض المناطق للحفاظ عليه، عبر المبادرات الثقافية والمعارض والمناسبات التراثية التي تُقام في المهرجانات والمناسبات الوطنية، حيث تُقدَّم الدراعة للزوار كأحد رموز التراث النسائي العريق، ويُستعان بها في العروض الفلكلورية والاحتفالات التراثية لتمثل الزي الشعبي الرسمي للمرأة في مناطق الشمال والوسط والشرق.
المصدر: ويكيبيديا