احتفظت الجلابية الصعيدية بمكانتها كزي تقليدي يعكس تاريخ وهوية أهل صعيد مصر، فقد تميزت بلونها الداكن وقصتها الواسعة وطريقة خياطتها الفريدة، وهي تمثل إرثًا ثقافيًا متجذرًا في العادات والتقاليد، وتحمل معاني الرجولة والوقار والانتماء.
صنع الحرفيون الجلابية منذ مئات السنين يدويًا من أقمشة طبيعية كالكتان والقطن المصري، بما يناسب البيئة الحارة في الجنوب، واستخدمت في الحياة اليومية والمناسبات المختلفة، من الأفراح إلى مجالس العزاء، كما ارتداها رجال الجيش في حروب المماليك كزي رسمي إلى جانب السروال.
حدد الصعيديون ألوانًا وأنواعًا للجلابيات بحسب المناسبات والفئات العمرية، فالألوان الداكنة تُرتدى في مجالس العائلة والعزاء وكبار السن، بينما يفضل الشباب الأقمشة العادية، ويصل سعر الجلابية اليوم إلى أكثر من ألفي جنيه للقماش والتفصيل، فيما تتجاوز بعض الأنواع خمسة آلاف جنيه، ويُرتدى الصوف منها في الشتاء.
ارتبطت بعض الملابس الأخرى بالجلابية لتكمل الزي التقليدي، مثل القفطان الأبيض الذي كان حكراً على كبار العائلات في الصيف، والجبة المصنوعة من الصوف باللون الأسود أو الأحمر أو البني، والتي كان يرتديها كبار العائلات بالمناسبات الرسمية، والعباءة الصوفية التي تبدأ أسعارها من خمسة آلاف جنيه وتُرتدى في الشتاء، بينما تميز الشال الصوفي برسوماته الفاخرة مثل الجمل وكان حكراً على الأغنياء.
استُحدثت بعض الملابس الحديثة للشباب مثل اللاسة الصيفية، والشال العادي المصنوع من الصوف الخفيف لفصلي الصيف والخريف، والشاهي الأبيض الصيفي، والكلسون المكون من تيشيرت وبنطلون لفصل الشتاء، كما وُضع الصديري أسفل الجلابية ليحمل النقود ويكون عمليًا، والسروال القصير الواسع المزود بـ«دكة» للعمل في الأرض.
تُعد التلفيحة من أبرز علامات الفخامة، فهي شال أبيض من قماش حريري مخلوط بالقطن، يُلف بطريقة دائرية لصناعة العمامة الصعيدية، وكان مميزًا لكبار العائلات، وتعكس كل قطعة من هذا الزي قصة اجتماعية وثقافية تعكس مكانة صاحبها وأصالة التراث الصعيدي، وهو ما يجعل الجلابية أكثر من مجرد زي تقليدي، بل مرآة للهوية والتاريخ المحلي.
المصدر: ويكيبيديا
