الأثنين 1447/03/23هـ (15-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » مرئي » الآثار » الجبل القصير .. معبد يجمع بين الرمزية الدينية والبعد الجغرافي الاستراتيجي

الجبل القصير .. معبد يجمع بين الرمزية الدينية والبعد الجغرافي الاستراتيجي

 

يقف معبد الجبل القصير في قرية مدوخا بمحافظة البقاع شاهداً على العمارة الرومانية في لبنان، إذ يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثاني الميلادي، ويشكل جزءاً من موقع جبل حرمون المدرج على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو، وهو ما يعكس قيمته التاريخية والثقافية كمعلم يربط الماضي بالحاضر ويحفظ ذاكرة حضارية ممتدة عبر القرون.

يتميز المعبد ببقاياه التي تكشف عن طابع معماري متقن ارتبط بالعصر الروماني، حيث تظهر النقوش والكتابات اليونانية على جدرانه دليلاً على أهميته الدينية والثقافية، كما توضح هذه النقوش الدور الذي لعبه كمركز لعبادة الآلهة القديمة، في وقت كانت المنطقة تمثل نقطة التقاء بين حضارات متعددة تركت بصماتها الواضحة في معالمها الأثرية.

يقع المعبد في قلب الطبيعة الجبلية لمدوخا، وهو موقع يمنحه إطلالة واسعة على السهول والمرتفعات المحيطة، ما يفسر اختيار الرومان لهذا المكان لبناء معبد يجمع بين الرمزية الدينية والبعد الجغرافي الاستراتيجي، كما أن ارتباطه بجبل حرمون جعله جزءاً من شبكة معابد قديمة تؤكد الدور الروحي لهذا الجبل في الموروث التاريخي والديني للمنطقة.

معبد أفقا | Archiqoo

ارتبطت قيمة المعبد أيضاً بموقعه ضمن التراث العالمي المؤقت لليونسكو منذ عام 2019، ما وضعه على خارطة الاهتمام الدولي بالتراث الثقافي، إلا أن ذلك لم ينعكس عملياً على واقعه، إذ لا يزال يعاني من إهمال واضح بسبب غياب الرعاية الرسمية وقلة المبادرات المحلية التي تهدف إلى ترميمه أو إعادة تأهيله كمركز سياحي وثقافي.

يشير خبراء الآثار إلى أن المعبد بحاجة ماسة إلى مشاريع ترميم مدروسة تشمل إزالة الركام وإبراز النقوش المدفونة تحت الحجارة، إضافة إلى تأمين الحماية اللازمة ضد العوامل الطبيعية والبشرية، حيث إن غياب الصيانة يهدد باندثار ملامحه المعمارية الفريدة، ويعرضه لخطر فقدان قيمته كواحد من الشواهد القليلة الباقية من الحقبة الرومانية في البقاع.

تتردد بين الأهالي والمهتمين بالتراث دعوات متكررة لتفعيل موقع المعبد وإدخاله ضمن المسارات السياحية في المنطقة، حيث يمكن أن يشكل نقطة جذب مهمة للزوار والباحثين في مجال التاريخ القديم، كما يمكن أن يساهم في تنمية السياحة الثقافية التي تحتاجها منطقة البقاع، خاصة أن المعبد يحمل مقومات تؤهله ليكون مركزاً للتعريف بالهوية التاريخية للبنان.

يبقى معبد الجبل القصير رمزاً من رموز التراث الروماني في لبنان، ومعلماً أثرياً يعكس تداخل الحضارات وتعدد الموروث الثقافي في المنطقة، ورغم الإهمال الذي يهدد بقاءه إلا أنه ما زال شاهداً على حقبة زمنية غنية تستحق الحماية والتوثيق، ليظل جزءاً أصيلاً من الذاكرة التاريخية والوطنية.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار