تُعدّ الجبة القبائلية، المعروفة محلياً باسم (Taqendurt n leqbayel)، الزيَّ التقليديَّ الأبرز لنساء منطقة القبائل الكبرى والصغرى في الجزائر، التي تشمل ولايات تيزيوزو وبجاية والبويرة وبرج بوعريج وجزءاً من سطيف، تتميز هذه الجبة بطابعها الفريد الذي يمزج بين الأناقة والعمق الرمزي، مما يجعلها قطعةً فنيةً خالدةً وشاهداً على تراثٍ ثقافيٍ عريقٍ ومتجذرٍ.
تتكون الجبة القبائلية بشكلٍ أساسيٍ من قطعة قماشٍ طويلةٍ تغطي الرأس والجسم، وتُصنع غالباً من خاماتٍ عالية الجودة كالحرير أو القطن، مما يضفي عليها ملمساً ناعماً وأناقةً خاصةً.
يتميز هذا اللباس بثرائه بالتطريزات اليدوية المعقدة، التي تغطي معظم سطح القماش بألوانٍ زاهيةٍ ومتنوعةٍ، تعكس الطبيعة الخلابة للمنطقة، مثل الأحمر والأصفر والأخضر والأسود.
تحمل هذه التطريزات في طياتها رموزاً وأشكالاً هندسيةً وحيوانيةً، تُعبر بوضوحٍ عن الهوية والثقافة الأمازيغية الأصيلة، مما يجعل كل جبةٍ بمثابة لوحةٍ فنيةٍ ناطقةٍ.
يُعتبر التطريز العنصر الأبرز في الجبة، حيث يرمز اللون الأحمر فيه إلى الحياة، بينما يرمز اللون الأزرق إلى السماء، في تجسيدٍ فريدٍ للعلاقة بين الإنسان والطبيعة.
تُمثل الجبة القبائلية رمزاً مهماً للهوية الثقافية الأمازيغية، إذ تعكس انتماء أفراد المجتمع القبائلي لـتراثهم العريق وتاريخهم الطويل، كما تُبرز هذه الجبة مهارات الحرفيات القبائليات العالية في فن التطريز والخياطة اليدوية، مما يؤكد أنها تحفةٌ فنيةٌ تتناقلها الأجيال وتحافظ عليها باعتزازٍ.
تُرتدى الجبة القبائلية في المناسبات الخاصة والأعياد، مما يجعلها جزءاً أساسياً من التقاليد الاجتماعية والثقافية في المنطقة، وتُعبر عن الفرح والاحتفاء بالهوية، تعكس هذه الجبة أيضاً جوانب من جمال المرأة القبائلية الأصيل، وتُعد رمزاً للقيم المجتمعية ودور المرأة المحوري في المجتمع القبائلي.
احتفظت الجبة بمكانتها كرمزٍ للهوية والثقافة الأمازيغية على الرغم من مرور الزمن وتغير أنماط الأزياء العالمية، مما يدل على قوتها كعنصرٍ تراثيٍ راسخٍ، تسعى العديد من الجمعيات والمؤسسات المحلية إلى الحفاظ على هذا التراث الغني، من خلال تنظيم المعارض والورشات التي تُعنى بتعليم فنون التطريز والخياطة التقليدية للأجيال الجديدة.
استلهم المصممون المعاصرون من الجبة القبائلية في تصميم أزياءٍ عصريةٍ، تجمع ببراعةٍ بين أصالة التراث ومواكبة الحداثة، لضمان استمرارية هذا الإرث الجمالي، هذا المزج بين الماضي والحاضر يضمن أن تظل الجبة القبائلية، برموزها وألوانها، حاضرةً بقوةٍ في المشهد الثقافي والجمالي للمرأة الجزائرية.
المصدر: إندبندنت عربية
