بنى عبد المؤمن الجامع الكبير في تازة بعد عام 1142، ليصبح معلمًا دينيًا بارزًا، ويقع المسجد في قلب المدينة العتيقة، محاطًا بأسواق وأزقة تاريخية، ويشكل مركزًا ثقافيًا وروحيًا للمجتمع المحلي، معتمدًا على التصميم الإسلامي التقليدي الذي يعكس روح العصر الموحدي واهتمام السلاطين بالمعمار الديني.
أدرجت اليونسكو الجامع ضمن قائمتها الإرشادية المؤقتة، تقديرًا لقيمته الثقافية والفنية، ويكتمل جمال المسجد بمئذنته الضخمة وزخارفه الدقيقة، التي تعكس براعة الحرفيين المغاربة، وتجمع بين الفن الموحدي والزخارف المرينية، وقد وسّع بنو مرين المسجد بين 1292 و1293، وأضافوا عناصر معمارية مزخرفة، لتعزيز جمالية المكان وتأكيد أهمية المسجد كمركز ديني وثقافي يخدم سكان تازة عبر القرون.
أكمل بناء الجامع مع الأسوار عام 1172، لتصبح المدينة محصنة، وتعكس الأسوار الدور الدفاعي لتازة في العصور الوسطى، ويشير التاريخ إلى أن المسجد كان نقطة تجمع للعبادة والتعليم الديني، ما جعله مركزًا حضاريًا يجمع بين الحياة الروحية والتعليمية والثقافية، وتبرز الدراسات دور الجامع في الحفاظ على الهوية الإسلامية للمدينة وتعزيز مكانة تازة كمركز حضاري بارز في شمال المغرب.
واجه الجامع تحديات عدة بسبب التعرية وتأثيرات المناخ في المنطقة، ما استدعى إجراء أعمال ترميم دقيقة للحفاظ على هيكله وإبراز زخارفه الفنية، كما طورت السلطات المغربية برامج لصيانة المعالم التاريخية، وتوسيع الوعي السياحي بالمسجد، ويستقطب الموقع الباحثين والسياح المهتمين بالعمارة الإسلامية والفن المغربي القديم، ويعمل الخبراء على توثيق التفاصيل المعمارية لضمان نقل إرث الجامع للأجيال القادمة.
تساهم تازة والجامع الكبير في تعزيز الهوية الثقافية للمغرب، كرمز حضاري يجمع بين التاريخ والدين والفن، ويظهر من خلاله تطور العمارة الإسلامية في عهدي الموحدين وبنو مرين، كما تعكس الأسواق والأزقة المحيطة بالمسجد أسلوب الحياة التقليدي، وتبرز براعة الحرفيين المحليين في تنفيذ الزخارف الفنية، إلى جانب دور المسجد في تشكيل مكان اجتماعي وروحي يجمع سكان المدينة والزوار.
تسعى جهود تطوير الموقع السياحي إلى جذب الزوار من داخل وخارج المغرب، مع التركيز على الجمع بين التعليم الثقافي والبحث العلمي، ويظل الجامع الكبير في تازة رمزًا للتراث المغربي، يجمع بين قصص الإسلام والفن المغربي الأصيل، ويبرز تاريخ المدينة كمركز ديني وثقافي مهم، مع حفاظه على مكانته التاريخية والمعمارية التي توثق الإرث الحضاري المغربي عبر القرون.
المصدر: ويكيبيديا
