احتضن الجامع الأموي في حلب تاريخًا طويلًا ومجدًا حضاريًا، إذ يُعد من أقدم وأكبر مساجد المدينة، وقد بُني عام 717م على يد الخليفة سليمان، ويعكس تصميمه الأموي المميز روعة العمارة الإسلامية، فهو يحتوي على فناء واسع ومئذنة شاهقة تُبرز تفاصيل فنية فريدة، كما أن نقوشه وزخارفه تحكي قصصًا دينية وثقافية تعكس عمق الحضارة الأموية.
أُدرج الجامع ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1986، وهو جزء من مدينة حلب القديمة، ويُبرز هذا التسجيل أهميته العالمية وقيمته الثقافية، كما يجذب المسجد الزوار والمصلين من مختلف المناطق، ويُعزز الانتماء الاجتماعي والثقافي لدى السكان المحليين، ويُجسد مكانًا روحيًا واجتماعيًا متنوع الاستخدامات، ما يجعله مركزًا للحياة المجتمعية والتاريخية.
تواجه المدينة والمسجد تحديات كبيرة نتيجة الأوضاع الأخيرة، وقد بُذلت جهود مكثفة لترميم الأضرار وحماية الموقع، إذ تُنفذ الجهات المعنية مشاريع لإعادة تأهيل الجامع، مع التركيز على استعادة الزخارف والمئذنة الأصلية، كما تشجع هذه الجهود على توثيق الإرث المعماري وتعزيز دراسة التاريخ الإسلامي، وهو ما يجعل الجامع نموذجًا للصمود الثقافي رغم الظروف الصعبة.
يعكس الجامع الأموي روح الوحدة والتاريخ المشترك لسكان حلب، فهو يُلهم الأجيال لفهم تراثهم ويشجع الشباب على استكشاف تاريخ المدينة، كما يعزز شعور الفخر بالهوية السورية ويُمثل جسرًا بين الماضي والحاضر، إذ تظهر فيه براعة الأمويين في العمارة الإسلامية ويُوفر تجربة روحية وثقافية متكاملة للزوار.
تسهم الجهود المبذولة للحفاظ على الجامع في تعزيز الوعي الثقافي العالمي وتسليط الضوء على أهمية التراث، كما تضمن استمرارية نقل المعرفة التاريخية والفنية للأجيال القادمة، ويظل الجامع الأموي رمزًا لعظمة حلب التاريخية وامتدادًا للحضارة السورية العريقة، إذ يستمر في سرد قصص الماضي وحفظ ذاكرة المجتمع، ويؤكد على ضرورة حماية التراث كجزء من الهوية الوطنية والثقافية.
المصدر: اليونسكو
