الجمعة 1447/03/13هـ (05-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » مصر » مرئي » المعالم التاريخية » الجامع الأقمر نموذج معماري نادر في قلب القاهرة الفاطمية

الجامع الأقمر نموذج معماري نادر في قلب القاهرة الفاطمية

يرتفع الجامع الأقمر في أحد أزقة القاهرة الفاطمية كأحد أبرز معالم العمارة الإسلامية التي بقيت شاهدة على فترة الحكم الفاطمي، حيث أمر الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله ببنائه في عام 1125 ميلادية، ونفذ المشروع الوزير المأمون البطائحي مستخدماً طرازاً عمرانياً مختلفاً عن سائر المساجد في تلك الفترة.

جامع الأقمر - إكتشف الآثار المصرية - وزارة السياحة والآثار

تميز الجامع بواجهته الحجرية المنحوتة بدقة، والتي تتقدم مستوى الشارع، وهو أول مسجد في القاهرة يُبنى على محور غير مستقيم مع القبلة، بسبب ضيق المساحة المتوفرة في موقعه، ما جعله أحد النماذج النادرة التي اعتمدت فكرة التصميم وفق ظروف الموقع دون المساس بالوظيفة الدينية للمكان.

عكست العناصر الزخرفية المستخدمة في المسجد تطور الفن الفاطمي في تلك المرحلة، خاصة في النقوش المتمثلة في كتابة الشهادتين والزخارف الهندسية التي تزين الواجهة الرئيسية، كما وُظفت الألوان والضوء في توزيع النوافذ بطريقة تعكس دقة المعمار الفاطمي وقدرته على الدمج بين الجمال والوظيفة.

شهد الجامع فترات متفرقة من الترميم في العصور اللاحقة، لا سيما في العصر المملوكي، إذ أضيفت إليه بعض العناصر البنائية التي ساعدت على بقائه متماسكاً، ورغم صغر مساحته، فقد استخدم كمكان للصلاة والدراسة، خاصة في أوقات ضعف الدولة الفاطمية وغياب المؤسسات الكبرى.

سُجل الجامع ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1979، بوصفه جزءاً من النسيج التاريخي للقاهرة الإسلامية، وهو ما عزز الاهتمام به من قبل الجهات المختصة، التي عملت على إجراء أعمال توثيق رقمية وترميم دقيق للحفاظ على تفاصيله، بما فيها الأقواس والزخارف والكتابات الفاطمية.

مسجد الأقمر - ويكيبيديا

يُعد الجامع نقطة توقف مميزة للزائرين والباحثين في تاريخ العمارة الإسلامية، إذ يتميز بموقعه في شارع المعز لدين الله الفاطمي، ويتيح للمهتمين فرصة مشاهدة أسلوب معماري لم يتكرر في تاريخ المساجد بالقاهرة، خاصة في طريقة معالجة الواجهة الأمامية للمبنى بما يتماشى مع انحدار الشارع.

تواصل المؤسسات المعنية بالتراث أعمالها للحفاظ على الجامع كجزء من الهوية التاريخية للمدينة، وتحرص على جعله جزءاً من مسارات الجولات التعليمية والثقافية، بما يعزز من حضوره في الوعي العام ويكرس أهميته كموقع فاطمي حافظ على ملامحه رغم تقلبات الزمن.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار