الخميس 1447/03/12هـ (04-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الجزائر » مرئي » الآثار » إيمدغاسن.. ضريح تراثي يحكي تاريخ الأمازيغ في الجزائر

إيمدغاسن.. ضريح تراثي يحكي تاريخ الأمازيغ في الجزائر

يُعد ضريح إيمدغاسن القائم قرب مدينة باتنة واحدًا من أبرز المعالم الأثرية النوميدية في الجزائر، إذ يعود تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ويُصنف كأقدم قبر ملكي محفوظ في شمال إفريقيا، حيث سجّل ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تقديرًا لقيمته التاريخية والمعمارية.

يقع الضريح في بلدية بوميا بولاية باتنة، ويتميز بتصميم أسطواني ضخم تعلوه قبة فريدة، تحيط بها أعمدة دروسية تعكس الطابع المعماري النوميدي الممزوج بالبونيقي، ما يجعل الموقع شاهدًا على الإبداع الهندسي للأمازيغ القدماء، كما يجذب الباحثين والمهتمين بتاريخ المنطقة.

يُعد إيمدغاسن جزءًا من شبكة الأضرحة الملكية النوميدية والموريطنية المنتشرة في الجزائر، ما يبرز مكانة البلاد كمركز حضاري قديم، وتُجسد آثار الموقع قصص الملوك النوميديين الذين تركوا بصمتهم في تاريخ شمال إفريقيا، ليبقى الضريح علامة بارزة على قوة وإبداع تلك الحضارة.

ضريح إيمدغاسن.. سر أمازيغي عمره 2300 سنة يجذب السياح للجزائر

على مر السنين، تعرض الضريح لتدهور ملحوظ بفعل العوامل الطبيعية، حيث تسببت الأمطار في تصدع جدرانه وانهيار أجزاء من القبة، كما ألحق النهب أضرارًا إضافية بالمعلم، الأمر الذي جعله مُصنفًا ضمن قائمة أكثر 100 موقع تراثي مهدد عالميًا، ما دفع الجزائر إلى تكثيف جهودها لحمايته.

عام 2002، تقدمت السلطات بطلب رسمي لإدراج الضريح في قائمة التراث العالمي لليونسكو، غير أن وضعه لم يتغير حتى اليوم، بينما شهد عام 2006 عملية ترميم غير مدروسة تسببت في أضرار كبيرة، إذ استُخدمت آلات هدم ثقيلة أثرت على هيكل الضريح، وهو ما أثار قلق الخبراء والمختصين.

في عام 2012، أُعدت دراسة أولية لترميم الضريح من قبل ديوان تسيير الممتلكات الثقافية، إلا أن المشروع لم يشهد انطلاقة فعلية، وظل الموقع في حالة انتظار لخطط ترميم جدية تحافظ على أصالته وتعيد له مكانته، خاصة مع تزايد مطالب الباحثين والناشطين الثقافيين بضرورة التدخل العاجل.

يحيط بالضريح عشرة أضرحة أمازيغية أخرى مدفونة تحت الأرض، تمتد على مساحة تقارب 500 متر، ما يعزز القيمة الأثرية للموقع ويكشف عن عمق التراث الأمازيغي المتجذر في المنطقة، ليصبح استكشافه بمثابة رحلة إلى قلب التاريخ النوميدي العريق.

زيارة ضريح إيمدغاسن تمنح تجربة ثقافية ثرية، فهو لا يمثل فقط معلمًا أثريًا بل رمزًا للهوية الأمازيغية، كما أن الجهود المبذولة لحمايته تهدف إلى إبراز قيمته الحضارية عالميًا، ليبقى الموقع شاهدًا حيًا على تاريخ الجزائر وإرث الأمازيغ الممتد عبر القرون.

المصدر: العين الإخبارية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار