الخميس 1447/02/27هـ (21-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » سوريا » مرئي » الآثار » أفاميا.. مدينة سورية تراثية تحتفظ بتاريخها العريق رغم الحروب والدمار

أفاميا.. مدينة سورية تراثية تحتفظ بتاريخها العريق رغم الحروب والدمار

تقع مدينة أفاميا الأثرية في محافظة حماة بسوريا، وقد تأسست في القرن الثالث قبل الميلاد على يد سلوقس الأول نيكاتور الذي أطلق عليها اسم زوجته أباما، وجاءت نشأتها لتكون عاصمة إقليمية ومركزاً عسكرياً بارزاً، حيث شهدت منذ بدايتها نمواً حضارياً وتجارياً جعلها من أهم المدن في العصور الهلنستية، كما امتلكت موقعاً استراتيجياً على ضفاف نهر العاصي منحها دوراً مهماً في الربط بين المراكز التجارية الكبرى في المنطقة.

أفامية - ويكيبيديا

مع دخول الرومان إلى سوريا عام 64 قبل الميلاد خضعت أفاميا للحكم الروماني، وواصلت ازدهارها لتصبح مركزاً عمرانياً وثقافياً، حيث شهدت توسعاً في شوارعها وبنيتها التحتية، وكان شارع الأعمدة الشهير أبرز معالمها بطوله الممتد الذي تصطف على جانبيه الأعمدة الحجرية، وهو ما جعل المدينة مثالاً على العمارة الكلاسيكية في تلك الحقبة، كما اشتهرت بصناعة الفسيفساء التي وصلت شهرتها إلى خارج حدود سوريا.

في العصر البيزنطي، أصبحت أفاميا عاصمة لما عُرف باسم “سوريا الثانية”، وحافظت على أهميتها الإدارية والعسكرية، حيث ضمت عدداً من الكنائس والمعابد والمباني العامة، ثم دخلها المسلمون عام 638 ميلادياً، لتشهد فترة جديدة من التطور خاصة في العصر العباسي عندما بُني فيها حصن يعزز من موقعها الدفاعي، واستمرت المدينة في أداء دورها الحضاري رغم تقلبات الأحداث.

تعرضت أفاميا لزلزال مدمر عام 1157 ميلادياً تسبب في دمار كبير، واستغل الصليبيون هذا الضعف ليستولوا عليها لفترة قبل أن يستعيدها نور الدين زنكي، وظلت بعدها حاضرة في التاريخ العسكري والسياسي للمنطقة، بينما حافظت معالمها الأثرية على مكانتها بوصفها شاهداً على عصور متعددة، شملت الهلنستية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.

موقع سياحي تشيكي: مدينة أفاميا من أهم الآثار الرومانية في سورية – S A N A

تضم المدينة آثاراً بارزة مثل المعابد والحمامات العامة والقلعة الواقعة على تل يشرف على الموقع، إضافة إلى بقايا الشوارع الرخامية، أما لوحات الفسيفساء فقد نُقلت بعضها إلى متاحف محلية وعالمية منها متحف أفاميا ومتحف بروكسل، ما يعكس قيمة التراث الفني الذي كانت تزخر به.

رغم تضرر أفاميا بشكل كبير خلال الحرب السورية، خاصة في منطقة شارع الأعمدة نتيجة أعمال التنقيب غير القانونية، إلا أنها ما زالت تجذب الباحثين والسياح المهتمين بالتاريخ، وقد أُدرجت على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو كموقع ذي قيمة عالمية استثنائية، كما تُعد بلدة قلعة المضيق القريبة جزءاً من نطاقها الأثري، مما يضعها في قلب الجهود الرامية للحفاظ على التراث السوري.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار