الأربعاء 1447/03/11هـ (03-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الجزائر » مرئي » المعالم التاريخية » أريس مهد الثورة التحريرية ومركز الهوية الأمازيغية الشاوية

أريس مهد الثورة التحريرية ومركز الهوية الأمازيغية الشاوية

تُعد مدينة أريس الواقعة في قلب ولاية باتنة إحدى الحواضر التاريخية الكبرى في الجزائر، إذ ارتبط اسمها بالثورة التحريرية وبالتراث الأمازيغي الشاوي العريق، وقد حملت عبر التاريخ رمزية المقاومة منذ العصور القديمة حين كانت عاصمة للبربر الغيتول في مواجهتهم لروما، وهي اليوم ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو كإحدى الحواضر التي تحمل قيمة تراثية وثقافية بارزة.

تتميز أريس بكونها مهد الثورة التحريرية، حيث تضم منزل الشهيد مصطفى بن بولعيد الذي يُلقب بأب الثورة لدوره القيادي الكبير في انطلاق الكفاح المسلح، وقد تحولت هذه المعالم إلى وجهات تستقطب الزوار والباحثين في التاريخ الوطني، وتُجسد دور المدينة في صناعة الأحداث الكبرى التي غيّرت مسار الجزائر.

كما تحتفظ المدينة بنقوش أثرية تعود إلى القرن الخامس الميلادي، وهي شواهد تبرز التفاعل الحضاري الذي شهدته المنطقة عبر القرون، وتؤكد المكانة التاريخية لأريس كمركز تواصل حضاري وثقافي، إضافة إلى دورها في إبراز الهوية الأمازيغية الشاوية من خلال رموز ثقافية مثل شجرة “أيوال” ودشرة أريس التي تعكس امتداد الجذور الأمازيغية.

أريس | Archiqoo

التراث المادي واللامادي حاضر بقوة في أريس، حيث تشتهر بالأزياء التقليدية وعلى رأسها القشابية التي تُعد جزءاً أصيلاً من الهوية الشاوية، كما أن المطبخ الشاوي يتميز بأطباق عريقة مثل الكسكس والشخشوخة والمافاس، وهي أطباق لا تزال تحافظ على مكانتها في الحياة اليومية والمناسبات الاجتماعية، مما يعكس عمق الموروث الغذائي للمنطقة.

الذاكرة الوطنية حاضرة في وجدان أريس من خلال الاحتفالات بالأحداث التاريخية، إذ تحيي المدينة يوم المجاهد وتستذكر هجمات الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام، وهذه المناسبات تظل محطات بارزة في الوعي الجمعي، وتؤكد أن أريس كانت وما زالت حاضرة في كل المنعطفات الكبرى التي عرفتها الجزائر.

جغرافياً، تقع أريس في قلب الأوراس الجبلية، حيث يمر واد الأبيض بجمال مناظره، وتطل قمة شليا على المنطقة في مشهد طبيعي يزيد من قيمتها السياحية، وتوفر الجبال المحيطة فضاءات للاستكشاف والتمتع بالطبيعة التي تتكامل مع التراث الثقافي لتمنح الزائر تجربة متكاملة.

الجهود المحلية في أريس لا تتوقف عن تعزيز حضورها التراثي والتاريخي، إذ تُنظم فعاليات ومهرجانات ثقافية للتعريف بتراثها ونضالها الوطني، وهو ما يسهم في ترسيخ مكانتها كوجهة سياحية تاريخية وثقافية، تجمع بين أصالة الماضي وحيوية الحاضر.

تُجسد أريس اليوم صورة المدينة التي احتضنت الثورة التحريرية وحافظت على هويتها الأمازيغية الشاوية، فهي تعكس تاريخ الجزائر العريق الممتد بين الجبال والذاكرة، وزيارتها تمنح فرصة للتعرف على تفاصيل نادرة من التراث الوطني والثقافة الشعبية التي تلهم كل من يقصدها.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار