تعد أبيدوس من أقدم المدن المصرية التي ارتبطت بتاريخ طويل يمتد لآلاف السنين، وقد عرفت كعاصمة لمصر في نهاية عصر ما قبل الأسرات والأسرات الأربع الأولى، كما اشتهرت بكونها مركزًا دينيًا مهمًا ارتبط بأسطورة الإله أوزوريس الذي اعتبره المصريون القدماء إله الحياة الآخرة والبعث.
وتقع المدينة غرب نهر النيل قرب بلدة العرابة المدفونة في محافظة سوهاج، وتضم عددًا كبيرًا من المعابد والمباني الأثرية التي تجعلها من أهم المواقع التاريخية في مصر.
تسعى وزارة السياحة والآثار المصرية في الوقت الحالي إلى إعداد ملف متكامل لتقديمه إلى منظمة اليونسكو من أجل إدراج أبيدوس ضمن قائمة التراث العالمي، إذ أدرج الموقع بالفعل على القائمة الإرشادية المؤقتة تحت مسمى “أبيدوس مدينة حج الفراعنة”، وهو ما يعكس الأهمية الكبيرة التي تحظى بها المدينة باعتبارها مكانًا مقدسًا للحج في مصر القديمة، حيث كان المصريون يقصدونها لتأدية طقوس دينية مرتبطة بزيارة أوزوريس وتقديم القرابين.
تتميز أبيدوس بمعالم أثرية متعددة أبرزها معبد سيتي الأول الذي يحتوي على نقوش غنية تسجل أسماء الملوك والآلهة، إضافة إلى مناظر أسطورة موت وبعث أوزوريس، ويقع خلف المعبد الأوزيريون الذي يعد مبنى فريدًا من الجرانيت الوردي ويعتقد أنه كان بمثابة مقبرة رمزية للإله أوزوريس.
كما يضم الموقع معبد رمسيس الثاني الذي يشتهر بنقوش معركة قادش ومقصورة كاملة من المرمر، وهو ما يجعله من أهم الشواهد على فنون الدولة الحديثة.
تضم المنطقة أيضًا موقع كوم السلطان الذي يمثل أقدم مدينة في الحضارة المصرية القديمة ويحتوي على أقدم بناء بالطوب اللبن وأول معبد مخصص لعبادة الإله المحلي خنتي امنتي، كما يبرز موقع شونة الزبيب الذي يضم بقايا مبنى من الطوب اللبن يعود إلى الأسرة الثانية، ليعكس مراحل مبكرة من العمارة المصرية، وهو ما يوضح القيمة التاريخية المتنوعة التي تحملها أبيدوس باعتبارها سجلًا حيًا لتطور الدولة المصرية منذ بداياتها الأولى.
مارس المصريون القدماء في أبيدوس طقوسًا دينية مميزة تمثلت في رحلات الحج التي تضمنت زيارة معبد سيتي الأول والأوزيريون وتقديم القرابين لأوزوريس، وكان لهذه الطقوس طابع رمزي يعكس إيمانهم بالبعث والحياة الأبدية، وقد جعلت هذه المكانة أبيدوس قبلة دينية يحرص الكثيرون على زيارتها طوال فترات التاريخ الفرعوني، وهو ما ساهم في ترسيخ هويتها كمدينة مقدسة ذات تأثير واسع.
تعمل وزارة السياحة والآثار على ترميم معابد المدينة وتطوير البنية التحتية الأثرية فيها بما يضمن جذب المزيد من الزوار والباحثين، كما يجري إعداد ملف خاص يتضمن تفاصيل تاريخية ومعمارية بهدف تقديمه رسميًا لليونسكو، حيث تسعى الدولة لإبراز أهمية أبيدوس كأحد أهم المراكز الدينية والسياسية في مصر القديمة، ولضمان اعتراف عالمي بمكانتها ضمن التراث الإنساني المشترك.
المصدر: ويكيبيديا