تمكنت محمية وادي رم في جنوب الأردن من ترسيخ حضورها العالمي كموقع تراث طبيعي وثقافي بعد إدراجها في قائمة اليونسكو عام 2011 ، ويعكس هذا الاعتراف الدولي ما تحمله المحمية من تنوع جيولوجي ونقوش صخرية ومكونات تراثية تعود لآلاف السنين ، ما يجعلها نموذجًا فريدًا لموقع مختلط يجمع بين القيمة الطبيعية والتاريخ الإنساني.
تميّزت المحمية بتضاريسها الصحراوية التي تشكلت عبر ملايين السنين ، وتضم جبالًا شاهقة ووديانًا ضيقة وأقواسًا صخرية طبيعية وأسطحًا منحدرة نحتتها الرياح والرمال ، وتُعد هذه التكوينات دليلاً على التغيرات الجيولوجية الطويلة التي مرّت بها المنطقة.
وثّق الإنسان تفاعله مع هذه البيئة من خلال آلاف النقوش والرسومات الصخرية التي تنتشر على جدران الجبال في أرجاء وادي رم ، وتحمل هذه النقوش رسائل تعود إلى عصور ما قبل التاريخ ، وتسجل حياة السكان الأوائل وأساليبهم في التعبير والبقاء ، كما تدل على استمرارية النشاط البشري في المنطقة منذ آلاف السنين.
تحتوي المحمية على بقايا أثرية متعددة تعود لفترات مختلفة من التاريخ أبرزها العصر النبطي ، ما يدل على أهمية وادي رم كمركز استيطاني وتجاري مرّ عبره الرحالة والقوافل ، وقد ساعدت هذه البقايا في بناء سردية واضحة حول طبيعة الحياة الاجتماعية والدينية والاقتصادية في العصور القديمة.
تمثل محمية وادي رم اليوم نموذجًا للإدارة المتكاملة للتراث ، حيث تبذل الجهات المختصة جهودًا واضحة للحفاظ على التوازن بين حماية البيئة وتنظيم النشاط السياحي ، ويشمل ذلك وضع قيود على استخدام السيارات وتحديد مسارات المشي ، إضافة إلى تقديم برامج توعوية للزوار حول أهمية الحفاظ على البيئة.
يُعد التعاون مع المجتمعات البدوية عنصرًا محوريًا في استراتيجية إدارة المحمية ، إذ تُشرك هذه المجتمعات في تنظيم الرحلات والإقامة والضيافة بما يضمن استفادتهم الاقتصادية من السياحة دون الإضرار بموروثهم الثقافي والطبيعي ، وقد ساهمت هذه الشراكة في تحقيق تنمية محلية تحافظ على الهوية وتدعم الاستدامة.
تُوفّر المحمية تجارب سياحية متعددة تبدأ من ركوب الجمال والمشي الجبلي وتسلق الصخور ، وتمتد إلى الإقامة في المخيمات البدوية التي تمنح الزائر تجربة فريدة وسط صحراء هادئة ، وتُعد سماء وادي رم من أبرز مواقع مشاهدة النجوم لصفائها وغياب التلوث الضوئي ، ما جعلها وجهة مفضلة لمحبي الفلك.
المصدر: اليونسكو