الأثنين 1447/03/23هـ (15-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » مرئي » الآثار » معبد عين حرشا يروي تاريخ العمارة الرومانية في لبنان

معبد عين حرشا يروي تاريخ العمارة الرومانية في لبنان

 

يقف معبد عين حرشا كأحد الشواهد البارزة على العمارة الرومانية في لبنان، إذ يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثاني الميلادي، ويقع في قرية عين حرشا بمحافظة البقاع على السفح الغربي لجبل حرمون، حيث يعد جزءاً من المواقع الأثرية المدرجة على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو، ما يمنحه قيمة خاصة على المستويين الثقافي والتاريخي.

يتميز المعبد بتصميمه الأيوني النادر في لبنان، إذ يجمع بين الأناقة الهندسية والزخارف الدقيقة التي تزين كتل الحجر الضخمة، ويحتوي على نقوش بارزة وتماثيل نصفية تمثل سيليني إلهة القمر وهيليوس إله الشمس، إلى جانب كتابات يونانية محفورة على جدرانه، وهو ما يعكس مدى التأثير الثقافي والفني الذي حملته الحقبة الرومانية إلى المنطقة، وجعل من المعبد نموذجاً معمارياً فريداً في محيطه.

معبد عين حرشا مهدد

يعود تاريخ المعبد إلى نحو عام 114 ميلادي، أي في فترة ازدهار السيطرة الرومانية على بلاد الشام، ويكشف تصميمه عن دقة البناء واعتماد مخطط معماري يفتح باتجاه الشرق، حيث صُمم ليكون منسجماً مع تضاريس المنطقة المحيطة وسلاسل التلال الممتدة غرب جبل حرمون، وهو ما يمنحه موقعاً استراتيجياً وإطلالة طبيعية تضيف بعداً جمالياً إلى قيمته التاريخية.

يمثل معبد عين حرشا جزءاً من شبكة مواقع أثرية تضم جبل حرمون وما يحيط به من معالم ثقافية، وهو ما يوضح التنوع الحضاري الذي مر عبر لبنان، كما يعزز من مكانة المنطقة كمركز تلاقت فيه حضارات متعددة على مدى قرون طويلة، وجعلت من إرثها العمراني مرجعاً للباحثين والمهتمين بالآثار القديمة.

معبد هيليوس... بهاء وشموخ جبل حرمون في لبنان

ورغم هذه الأهمية، يعاني المعبد من إهمال واضح نتيجة غياب خطط جدية لإعادة ترميمه وتأهيله كموقع سياحي وثقافي بارز، حيث يتعرض لآثار العوامل الطبيعية والاعتداءات البشرية التي تهدد سلامة بنائه، وهو ما يطرح تساؤلات حول دور الدولة والجهات المختصة في صيانة المعالم التراثية التي تمثل جزءاً من الهوية الوطنية.

يسهم المعبد في تقديم صورة واضحة عن تفاعل الإنسان القديم مع بيئته، ويظهر كيف استطاع أن يوظف العمارة والفن لخدمة معتقداته وطقوسه، كما يشكل اليوم محطة مهمة لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي، إذ يمكن أن يتحول إلى وجهة سياحية بارزة في البقاع تساهم في تنمية المنطقة إذا ما حظي بالعناية اللازمة.

يظل معبد عين حرشا شاهداً على تاريخ غني يربط لبنان بماضيه الروماني، ويقدم للزائر فرصة فريدة لاكتشاف جمال العمارة القديمة وتفاصيلها الدقيقة، فيما يبقى التحدي الأكبر هو حماية هذا المعلم من التدهور وإبرازه كجزء أصيل من الإرث الثقافي العالمي.

المصدر: النهار

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار