الثلاثاء 1447/02/25هـ (19-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » فلسطين » مرئي » المعالم التاريخية » مسجد قبة الصخرة في القدس تحفة إسلامية خالدة عبر العصور

مسجد قبة الصخرة في القدس تحفة إسلامية خالدة عبر العصور

يُجسد مسجد قبة الصخرة في مدينة القدس واحداً من أقدم المعالم الإسلامية الباقية وأكثرها قداسة، حيث يمثل تحفة معمارية وروحية لا تضاهى في تاريخ الحضارة الإسلامية.

شُيد المسجد في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان سنة 72 هجرية، الموافق لعام 691 ميلادية، فوق الصخرة المقدسة التي يُعتقد أنها الموقع الذي شهد معجزة الإسراء والمعراج للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

هذا البناء الذي يتوسط الحرم القدسي الشريف يعلو صخرة طبيعية تعد من أهم الرموز الدينية في الإسلام، وتُحيط بها مكانة روحية عظيمة بين المسلمين، ما يجعل قبة الصخرة جزءاً لا يتجزأ من الهوية الإسلامية للقدس.

قبة الصخرة - دار الإفتاء المصرية

ينبع البُعد الروحي لقبة الصخرة من ارتباطها الوثيق برحلة الإسراء والمعراج، حيث يُعتقد أن النبي محمد صعد من فوق هذه الصخرة إلى السموات العُلى، في واحدة من أبرز المحطات في السيرة النبوية.

وتُعتبر قبة الصخرة أيضاً جزءاً لا يتجزأ من المسجد الأقصى، ثالث أقدس موقع في الإسلام بعد الحرمين الشريفين، ما يمنحها أهمية دينية فائقة تُعزز من روحانية المكان وقدسيته في قلوب المسلمين حول العالم.

يمتزج في تصميم قبة الصخرة جمال المعمار وروح العقيدة، فهي مثال فريد على فن العمارة الإسلامية المبكرة الذي استلهم عناصره من الطرازين البيزنطي والمسيحي في وقت واحد.

وتُتوج القبة نفسها بكسوة ذهبية لامعة تجعلها تبدو كنجمة متلألئة تهيمن على أفق القدس، وتُحيط بها جدران مثمنة الشكل تزينها آيات قرآنية وزخارف نباتية بديعة نُفذت بعناية فائقة باستخدام فن الفسيفساء.

في الداخل، تحتضن القاعة الرئيسية الصخرة المقدسة، وتحف بها الأعمدة والأقواس والممرات التي تعزز من طابعها القدسي والروحي.

قبة الصخرة المشرفة | ادارة اوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك

عرفت قبة الصخرة عبر القرون سلسلة طويلة من الترميمات والتجديدات، بدءاً من العصر الأموي مروراً بالدول العباسية والفاطمية والأيوبية والمملوكية، وصولاً إلى العهد العثماني والعصور الحديثة، وقد أسهمت هذه التجديدات في الحفاظ على جمالها التاريخي وضمان استمراريتها كمَعلم شامخ وشاهد حي على التاريخ الإسلامي المتجذر في القدس.

ويُشار إلى أن هذه العناية المستمرة تؤكد مدى ارتباط المسلمين بهذا المكان وحرصهم على صون هويته المعمارية والدينية.

ولا تقتصر أهمية قبة الصخرة على كونها رمزاً دينياً، بل إنها أيضاً مزارٌ يقصده المسلمون من كافة أنحاء العالم، حيث يقفون بخشوع أمام الصخرة، ويتأملون في الزخارف والنقوش التي تحكي تاريخ حضارةٍ عريقة وروحانيةٍ متجذرة.

كما تمثل قبة الصخرة رمزاً ثقافياً وتاريخياً لا يتغير، يعكس عمق العلاقة بين المسلمين ومدينة القدس، ويُشكل أحد أبرز شواهد العمارة الإسلامية التي لا تزال قائمة حتى اليوم بكل عظمتها وجمالها.

من خلال مكانته الدينية وتصميمها المعماري الفريد وتاريخها الزاخر، تظل قبة الصخرة معلماً يُجسد الهوية الإسلامية في أبهى صورها، ورسالة تاريخية وثقافية للأجيال المقبلة بأن القدس ستبقى قلباً نابضاً للحضارة الإسلامية وملتقى للروح والجمال والإيمان.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار